خاص| ابتزاز النساء من الكبائر.. حكم الشرع في واقعة الفتاة المنتحرة
«حق بسنت لازم يرجع».. بهذه العبارة تحولت قضية انتحار فتاة مصرية إلى حديث الساعة بالوطن العربي، وتصدَّرت محركات البحث، بعد أن أقدم أحد الأشخاص على ابتزازها بصور مفبركة خليعة؛ في محاولة للنيل من شرفها.
بـ«حبة الغلة» القاتلة، أنهت الفتاة بسنت، صاحبة الـ(17 عاماً)، التي تعيش بمدينة كفر الزيات بمحافظة الغربية، حياتها. وفتحت باب الجدل والتساؤلات حول حُكم الشريعة الإسلامية في مصير مُبتز النساء.
لم يقف الأمر عند هذا الحد؛ بل انهالت الدعوات عبر منصات التواصل الاجتماعي، تُطالب بمعاقبة هذا المبتز المتورط في فبركة الصور ووفاة الفتاة بأقصى عقوبة.
جريمة بشعة منافية للشرع
من جهة الشرع، يقول الدكتور محمود مهنا، عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، في تصريحات خاصة أدلى بها إلى «المدار»: «إن المُبتز إنسان مُجرم يفعل جريمة بشعة منافية للآداب وللشرع، ويرتكب كبيرة من الكبائر».
وأضاف مهنا: «العِرض والشرف غالٍ، ومن تعدى عليهما فهو مرتكب لأكبر الذنوب».
وشدد الدكتور محمود مهنا على الأهالي بضرورة التعامل مع أبنائهم بالرفق واللين والحكمة، قائلاً: «الإسلام دين الرحمة والسلام، وقد وصف الله تعالى حبيبه المصطفى- صلى الله عليه وآله وسلم- بأنه رحمة للعالمين فقال: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}».
وأكد عضو هيئة كبار العلماء أن الانتحار بشكل عام ذنب؛ لكنه أيضاً متروك لله، لا نقول إلا ما نرضي ربنا عز وجل، وأن أمر الفتاة بسنت بين يد الله، تحتاج منا فقط إلى الدعاء لها بالمغفرة والرحمة، وأن يمن عليها الله بالرحمة.
إفك بغيض وبهتان مُحرم
من جانبه، ذكر مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، في بيان له، أن اتهام الناس بالباطل، والاحتيال في نسبة الزور إليهم بالافتراء والبهتان جريمة لا إنسانية خبيثة، قرنها الله تعال- في النهي عنها- بعبادة الأصنام؛ فقال تعالى: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ}، والزور هو فُحش الكذب، والفجور فيه.
وتابع المركز: «ابتزاز الناس بالاتهامات المُنتحَلة من خلال الصور المُزيّفة باستخدام البرامج الحديثة أو غيرها من الطرق التي يمكن بها الطعن في أعراض الناس وشرفهم؛ إنما هو إفك بغيض وإيذاء بالغ وبهتان مُحرَّم، حذَّر منه المولى سبحانه، ومن مغبة ارتكابه، والخوض فيه؛ فقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ ۚ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم ۖ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۚ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ ۚ وَالَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ}».
معصية وكبيرة من الكبائر
وفي هذا الإطار، وصف أمين دار الفتوى بدار الإفتاء المصرية، الدكتور عمرو الورداني، الابتزاز بأنه "معصية ذات إثم كبير وتصل إلى كونها كبيرة من الكبائر".
وقال «الورداني»، في بث مباشر على الصفحة الرسمية لدار الإفتاء بموقع «فيسبوك»، إن الشخص المبتز؛ ظالم ومرتكب للكبيرة، داعياً الشخص الذي يقع عليه الابتزاز؛ أن يقاوم ذلك بكل ما أوتي من قوة وألا يسمح له بالتمادي، لأن الاستجابة للمبتز ظُلم للنفس.