الفرار من الحرب.. طلاب مصريون يروون رحلة الـ12 ساعة من أوكرانيا إلى رومانيا وبولندا
تحت وطأة الحرب في أوكرانيا، واجه الطلاب المصريون العزلة وصوت الصواريخ وحدهم.. مواجهة لم تكن في حسبانهم؛ فأقصى ما كان يجول ببالهم هو أن يواجهوا صعوبة دراسية أو ثقافية، لكن عزلة في مقابلة حرب هذا ما لم يخطر ببالهم.
محمد.. رحلة 14 ساعة من أوكرانيا إلى بولندا
انقسم الطلاب إلى فريقَين؛ كل حسب إمكاناته المادية والنفسية، واحد ظل مكانه تحت الأرض في المترو والملاجئ، وآخر قرر أخذ المخاطرة والفرار إلى حدود رومانيا، أو بولندا، أو سلوفكيا.
قرر طالب الطب محمد ناجح، البحث عن عربة تقله هو واثنين من زملائه من مدينة دنيبرو إلى حدود بولندا، وبعد يومين من البحث وجد سيارة تقل الفرد بـ150 دولاراً -2360 جنيهاً مصرياً- حزم أمتعته والتقط أنفاسه وسافر الساعة الخامسة بتوقيت القاهرة يوم الجمعة.
تحت دوي أصوات الرصاص والصواريخ، على مدار أكثر من 14 ساعة، قارب محمد من الحدود البولندية؛ أملاً في دخول الحدود والرجوع إلى مصر.
عطا الله: وصلت رومانيا مع اثنين من أصدقائي
مصطفى عطا الله، طالب مصري، 23 عاماً، يدرس الهندسة، حاول واثنين من أصدقائه الهرب، يقول إنه منذ سماعه ضرب الصواريخ في الخامسة فجراً لم يستطع النوم منذ ذلك الوقت.
وأضاف عطا الله أنه حاول التواصل مع السفارة المصرية، وأخبرتهم بالوجهة نحو أقرب حدود لهم، وحاول أن يستقل أوتوبيساً أو قطارًا؛ ولكنه فشل في إيجاد مكان بسبب الازدحام.

واستطاع عطا الله الاتفاق مع سائق تاكسي ينقلهم إلى الحدود الرومانية مقابل 150 دولارًا.. طوال مدة الطريق التي بلغت خمس ساعات ونصف الساعة، حتى يصلوا إلى الحدود الرومانية لم تفارقهم أصوات القصف التي أدخلت على قلوبهم الرعب، كما يصف.
قابلنا الجيش الروسي على الطريق؛ ولكنهم لم يتعرضوا لنا، إذ لا يتعرضون للمدنيين ولا يقصفون قصفاً عشوائياً، فقط يتعرضون لمن يتعرض لهم.
أوصلهم سائق التاكسي إلى آخر نقطة يستطيع أن يدخلها، ثم سلكوا طريقاً أخذ منهم نحو 25 دقيقة سيراً على الأقدام، حتى وصل وأصدقائه نحو الساعة 12 صباحاً بتوقيت القاهرة.
وأشار مصطفى إلى أنه يوجد 30 طالباً يركبون أوتوبيساً للحدود الرومانية.
ظللنا على تواصل مع مصطفى وأصدقائه منذ وصوله إلى الحدود الرومانية، ففي الرابعة فجراً ظل على الحدود حتى مرت 10 ساعات بسبب الازدحام وتخليص الإجراءات.
وفي الرابعة عصر اليوم التالي أرسل إلينا فيديو بأنه استقل أوتوبيساً آخر للوصول إلى مدينة بوخاريست برومانيا؛ استعداداً لحجز طائرة والرجوع إلى مصر.
مصريون على الحدود في استقبال الطلبة
في الشدائد تظهر معادن المصريين، وترابط أواصر أولاد البلد، (#احنا-سندك) هاشتاج انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي؛ خصوصاً في جروبات السفر، لمساعدة الطلبة العالقين في الحدود، فمنهم من عرض الإقامة في حالة الوصول إلى الحدود، ومنهم من عرض حجز تذاكر السفر مجاناً، ومنهم مَن ذهب إلى الحدود للاستقبال والمساعدة.
جرجس جاد الرب، طالب من محافظة قنا، يعيش برومانيا، على مدار الأيام السابقة كلما عرف بقرب وصول بعض الطلاب إلى الحدود ذهب لاستقبالهم.
وقال جرجس لـ"المدار"، مساء الجمعة، إنه استقبل ثلاثة طلاب وساعدهم في حجز تذاكر طيران؛ لأنهم لا يعرفون اللغة الرومانية، كما حجز لعشرين طالبًا اليوم أوتوبيساً للذهاب إلى مدينة بوخاريست.

شارك جرجس صوراً وفيديوهات لمصريين وعرب ورومانيين في استقبال النازحين على الحدود؛ فمنهم مَن يجهز لهم زجاجات المياه، وآخرون من الرومان يصلّون على الحدود، وأطفال يمسكون اليافطات دعماً لنظرائهم.
