الرزق على الله.. يوميات صياد على شاطئ النيل

صياد
صياد



في الثلث الأخير من الليل الدامس، إحدى ليالي الشتاء ذات الصقيع القارس، وهلال خفت نوره في سماء المحروسة، يلفت انتباهك مركب صغير يتحرك ببطء بالقرب من ضفاف نهر النيل، لا تستطيع تمييزه من بعيد ومع اقترابه من كورنيش المظلات تجد شابا في مقتبل الثلاثين يُجدف فيه للصيد.

مع اقترب فجر كل يوم، وتحديداً الـ3 صباحاً، يتحرك سعد رمضان، من محل إقامته بجزيرة «بين البحرين» التي تقع بين محافظة الجيزة والقاهرة، لتجهيز مركبه الصغير وشباك صيده، تارك أسرته التي يعولها «والده ووالدته»، الذي يتولى تلبية احتياجاتهما، يقول رمضان: «أنا بنزل بدري عشان ألحق أشتغل وأرجع قبل ما حد منهم يصحى عشان أفطرهم».

صياد


يقف الشاب صاحب الـ32 عاماً، بالقرب من شاطئ كورنيش المظلات، ليبدأ في ترتيب شباكه قبل أن يلقيها في المياه منتظراً رزقه، يقول: «برمي الشبكة وأسيبها نص ساعة وبعدين أطلعها وأنا ورزقي ممكن تطلع سمك أو زبالة بسبب مخلفات المصانع»، والتي تعوق عمله وتسبب له العديد من الأضرار منها تقطع شبكة صيده في أثناء سحبها من المياه: «لما أشد بلاقي الشبك يتقطع مني».

مخلفات المصانع، التي ذكرها سعد هي بقايا الأشياء التي تستخدمها المصانع من أدوات وغيرها وتقوم بإلقائها في نهر النيل، والتي قدر حجمها جهاز شؤون البيئة بـ150 مليون م3 سنوياً، بحسب تقرير أصدره قبل 5 سنوات.

صياد


مع دقات العاشرة صباحاً، يعود رمضان إلى منزله لكي يقدم الخدمات لوالديه ثم يتركهما ويعود إلى مركبه مرة أخرى ليلقي شباكه، «البرد مش مشكلة أنا بلبس تقيل، معايا بطانية بتغطى بيها»، يقولها شعبان ولا يشغله درجات الحرارة أو سوء حالة الطقس، لكن ما يقلقه هي الأمطار الغريزة التي تجبره على العودة دون اسكمال عمله: «المطر لو خفيف عادي بصطاد لكن لو شد برجع البيت عشان أتجنب دور برد يقعدني في البيت».

صياد


الصيد هو المصدر الوحيد لسعد الذي يعمل به منذ 20 عاماً لكسب قوت يومه، يبدأ كل يوم من الساعة الثالثة فجراً وحتى الرابعة مساء يقول: «معرفش أعمل حاجه تانية، دي الحاجة الوحيدة اللي بصرف منها على نفسي أنا وأبويا وأمي، مش عارف أتجوز بسبب أن يوم بيطلع سمك ويوم مش بيطلع حاجة».


صياد







أضف تعليقك