خاص| هل يتجه البرلمان المغربي نحو اليسار؟

البرلمان المغربي
البرلمان المغربي



هل يتجه البرلمان المغربي نحو اليسار؟ سؤال طرحه كثيرون في وقت تعددت فيه قوى المعارضة من خلال عدة أحزاب ذات هذا التوجه داخل البرلمان المغربي.

وتنوعت تشكيلة المعارضة في مجلس النواب المغربي بوجود عدة أحزاب ذات توجه يساري؛ هي أحزاب "الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية" بـ35 مقعداً، و"التقدم والاشتراكية" بـ21 مقعداً، و"اليسار الاشتراكي الموحد" بمقعد واحد، ثم "تحالف فيدرالية اليسار" بمقعد واحد.

وتواصل "المدار" مع الدكتور إدريس قصوري، الباحث والأكاديمي المغرب؛ ليوضح حقيقة هذا التوجه للبرلمان المغربي من عدمه..

يرى الدكتور إدريس قصوري، الباحث والأكاديمي المغربي، أن المسألة مطروحة بشكل غير مفهوم، وأن نتائج الانتخابات المغربية أفرزت حكماً ليبراليّاً قويّاً من خلال مجموعة أحزاب مهمة؛ منها: حزب التجمع الوطني للأحرار، وحزب الأصالة والمعاصرة، وحزب الاستقلال، وتمثل مجتمعة الأغلبية في البرلمان، وفقاً لتصريحات عزيز أخنوش، رئيس الحكومة المعين.

إدريس قصوري

 

ويعتبر مراقبون أن وجود هذه الأحزاب اليسارية في المعارضة، فرصة للالتقاء على أرضية مشتركة؛ لمواجهة التحديات التي قد تتحقق في ظل حكومة يترأسها التجمع الوطني للأحرار.

وقال قصوري، في ما يخص حزب الاستقلال، خلال حديثه إلى "المدار": إن حزب الحركة الوطنية، موجود من قبل "الاستقلال"، وناضل مع الحركة الوطنية من أجل استقلال المغرب، لافتاً إلى أنه يتبنى مرجعية محافظة "إسلاموية"، واتحد مؤخراً مع أحزاب ليبرالية لتشكيل الحكومة؛ لتصبح القوى الأقوى في المشهد السياسي.

وأشار الباحث والأكاديمي المغرب في ما يخص بقية الأحزاب، إلى وجود حزب الاتحاد الدستوري "ليبرالي"، وكان عادة ما يتحد مع أحزاب ليبرالية أخرى، وهو تابع للتجمع الوطني للأحرار، إضافة إلى حزب الاتحاد الاشتراكي، وحزب الحركة الشعبية، التي لا تمتلك مرجعية وإنما هوية لغوية؛ لأنها تنتمي إلى الحركة الأمازيغية.

وعاشت الأحزاب اليسارية المغربية حالة من الجمود منذ سنوات، جعلت مستقبلها على المحك، بعدما شكلت منذ ستينيات القرن الماضي قوة سياسية وازنة في المغرب، قادت المعارضة لعقود، ثم "حكومة التناوب" عام 1998.

وأكد الأكاديمي المغربي عند سؤاله عن ماهية اختيار الشعب المغربي الأحزاب: لا يختار المغرب الأحزاب بناء على أساس ديني أو لغوي، وإنما مطبوعة بالطابع الأمازيغي؛ لا سيما أن جميع قادتها ومؤسسيها من الأمازيغ.

 

البرلمان المغربي


وأجاب قصوري عن سؤال "المدار" حول حقيقة توجه البرلمان المغربي نحو اليسار، قائلاً: لا نطرح هذا السؤال في المغرب؛ ولكن نتحدث عن المعارضة المغربية، نظراً لأن اليسار خارج الأغلبية، إضافة إلى أن البرلمان يهيمن عليه 3 أحزاب ليبرالية بـ268 مقعداً من بين 395.

وتابع الأكاديمي المغربي: أحزاب اليسار ضعيفة ضمن البرلمان، حتى وإن وجدت في المعارضة، نظراً لأن اليسار المغربي "ليس حركة منسجمة"، وإنما تيارات متشرذمة ومشتتة ومنقسمة على ذاتها، غير أن صراعها فيما بينها أكثر منها مع الأحزاب الأخرى؛ لذلك لا نعد أن البرلمان المغربي يتجه نحو اليسار، بل بقوة الواقع يتجه إلى المعارضة، مشيراً إلى أن حزب الاتحاد الاشتراكي الرائد لأحزاب اليسار، خرج للمعارضة مكرهاً على ذلك، ومن ثمَّ ظل يتودد إلى رئيس الحكومة المعين كي يضمه إلى أغلبيته، لأنه غير مؤمن بالمعارضة، ولذا أصبح مثل الأحزاب الإدارية "مناسباتية للانتخابات"، دون أنشطة أو قاعدة شبابية كما كانت.

وأوضح قصوري، في ما يخص حزبَي الاشتراكي الموحد وفيدرالية اليسار، أن لهما مقعدَين أو ثلاثة بالبرلمان، وهي لن تشكل أي شيء بالنسبة إلى اليسار، مشيراً إلى أن الحزبين كانا موحدَين؛ ولكنهما انفصلا قبيل الانتخابات، ومن ثم أصبح هذا الانفصال كبيراً بين القيادات والقواعد، متوقعاً اجتماعات مشتركة لهما، وأن الظروف سيئة بالنسبة إلى حزب الاشتراكي الموحد؛ نظراً لأن السهام موجهة نحو نبيلة منيب، ومشكلاتها مع فيدراليات اليسار بخصوص الانتخابات والتزكيات.

 

البرلمان المغربي

 

وتابع قصوري: أما عن حزب التقدم الاشتراكي، فإنه تقدم نسبيّاً في الانتخابات، وكان له في الانتخابات السابقة 22 مقعداً، والآن أصبح لديه 120 مقعداً، لذا يعتبر الحزب نفسه حقق إنجازاً تاريخيّاً؛ ولكنه غير متوافق مع الاتحاد الاشتراكي نهائيّاً، وكذا مع تيارات اليسار، غير أنه كان يدعم حزب العدالة والتنمية الذي خرج من الأغلبية والحكومة، إضافة إلى هزيمته الساحقة في هذه الانتخابات، لافتاً إلى أن الحزب قد يمثل مشكلة لليسار، ولكنه الآن منفرد بذاته ولا يتلقى أي دعم؛ نظراً لدعمه "العدالة والتنمية" التابع لجماعة الإخوان، الذي لن يعود إلى المشهد إلا بعد 10 سنوات على الأقل إن لم يمت نهائيّاً.

وأكد الدكتور إدريس قصوري أنه نتيجة لهذا "لا يمكن الحديث عن التوجه نحو اليسار لا داخل البرلمان ولا المعارضة ولا في الساحة المغربية بشكل عام؛ خصوصاً وطبيعة اليسار المغربية (انقسامية)، بمعنى أنها للصراع  وليس للتفاهم، وبالتالي سيكون لكل منهم دوره؛ ولكنهم لن يؤثروا كثيرًا في المشهد لضعفهم، غير أن أغلبيتهم يدعمون الأغلبية الحالية (الليبرالية)".

ودعت شريفة لموير، باحثة مغربية في العلوم السياسية، إلى ضرورة استغلال هذه الفرصة التي جمعت أحزاب اليسار في المعارضة، والعمل على تقارب وجهات النظر في أفق توحيد الرؤى، لبلوغ التنسيق بينها على مستوى العمل البرلماني والنقابي والأذرع الموازية.

وأشارت لموير، في تصريحات صحفية مسبقاً، إلى ضرورة التعامل مع هذه الفرصة بكل مسؤولية، بعيداً عن خلافات قيادات اليسار، التي أدى ثمنها إلى تفرق تيارات اليسار، خصوصاً أن إضاعة هذه الفرصة الكبيرة اليوم هي بمثابة الوقوف على حقيقة استحالة توحيد اليسار، وأيضاً فشله في مواجهة التحديات الكبرى المقبلة.

كان حزب التجمع الوطني للأحرار قد حصد 196 مقعداً، وحصد حزب الاستقلال 144 مقعداً، وحزب الأصالة والمعاصرة 143 مقعداً، وحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية 48 مقعداً، وحزب الحركة الشعبية 47 مقعداً، وحزب الاتحاد الدستوري 30 مقعداً، وحزب التقدم والاشتراكية 29 مقعداً، وحزب العدالة والتنمية 18 مقعداً، بينما حصلت الأحزاب السياسية الأخرى على 23 مقعداً.

 

 

        


   







أضف تعليقك