هروب مرهون بالجنسية.. حكاية طبيب عراقي يواجه الموت بأوكرانيا

حرب أوكرانيا
حرب أوكرانيا



في عام 1992، قرر المواطن العراقي حسن العبيدي، بعد حصوله على شهادته الثانوية، دراسة الطب؛ فعقد العزم على السفر خارجًا، متوجهًا نحو أوكرانيا التي اشتهرت بجامعاتها الطبية. نجح الفتى في السفر إلى وجهته الجديدة وتخرج عام 2000 ليرسم لنفسه مستقبلاً بعيداً عن وطنه الأم الذي طالته ويلات الحرب، لكنّه لم يُدرك أن تلك الحرب ستحاصره بداخلها.


"كان ممكن أحصل على الجنسية الأوكرانية من زمان بس مارضيتش"، في عام 2013 قرر حسن الحصول على الجنسية؛ خصوصاً بعدما تزوج بفتاة أوكرانية وأنجب منها طفلَين، لكن في المقابل كان عليه التنازل عن جنسيته العراقية، الأمر كان صعبًا على الطبيب؛ فإما أن يستمر بهويته العربية وهناك سيفقد العديد من الفرص التي تُمنح لأهل الأرض وإمّا أن يتنازل عن هُويته مقابل تحقيق حلمه بأوروبا.

الحرب على أوكرانيا


فكَّر حسن كثيرًا وقرر التنازل عن هويته العراقية؛ لكنّه بعد حصوله على الجنسية الأوكرانية عاد إلى هويته الأم من جديد وحصل عليها ليُدرك صواب قراره اليوم؛ خصوصاً أن خروجه من أوكرانيا بات مرتبطًا بمصير هويته العراقية، والتي من دونها لن يمر من الحدود وهو حامل الهوية الأوكرانية؛ فسيكون مطلوبًا للحرب باعتباره مواطنًا، إضافة إلى كونه طبيبًا.


"احنا في القرية محاصرين من قوات روسية ومابنقدرش نخرج بأي شكل"؛ يعيش حسن حاليا في منزل صغير بإحدى القرى التي تبعد عن العاصمة بنحو 30 كم رفقة أسرته وأسرة شقيقه الذي يعمل طبيبًا هو الآخر، ينتظرون مصيرهم الذي بات يحدده الروس؛ خصوصاً بعد حصارهم من كل الجهات؛ فلا يوجد أمامهم سبيل سوى أن يمنحهم الروس طريقًا أخضر للخروج، وحتى اللحظة مُهمته تقديم المساعدات الطبية لأهل القرية.


في القانون الأوكراني يُجبر الأطباء الذين يعملون بالمستشفيات بالتوقيع على وثيقة تفيد أنهم في حالة الكوارث أو الحروب لا يغادرون أرض الوطن بل يذهبون لمداواة الجنود في ساحة القتال؛ لكن حسن وشقيقه الذي يعمل طبيبًا أيضًا رفضا الانصياع لهذا الأمر وقررا العمل بشكل خاص، في السابق دون أن يُدركا أنّه من الممكن أن تقوم حرب.

 


"احنا محاصرون لليوم الخامس وممنوع علينا الخروج" على الرغم من الحصار الذي طال وفي المقابل بدأت المؤن الخاص بهم تنفد، فإن المواطن العراقي ينتابه بعض الخوف حال خروجه بأمان ووصوله إلى الحدود، فشقيقه سيخرج رفقة أسرته دون مشكلة لأنه لا يحمل الجنسية، بينما هو يخشى أن يتم إيقافه بسبب الجنسية والدفع به نحو محطات العلاج الطبي للجنود، بينما زوجته وابنتاه لن يوافقن على الخروج دونه وسيظللن في خطر.

 

الخروج نحو الحدود بات أمرًا صعبًا أمام حسن؛ لذا فالتفكير للذهاب نحو غرب أوكرانيا والبحث عن منطقة آمنة، هو الحل الأمثل حاليًّا، وحتى يحين الوقت الذي سيسمح لهم الروس بالمغادرة بطريق آمن، يقوم بواجبه نحو وطن قضى بداخله ثلاثين عامًا، حيث يجمع الطبيب معلومات عن الجنود الروس المُحاصرين لقريته وتحديد مكانهم وكميات سلاحهم ويرسلها على الفور إلى القوات الأوكرانية التي فعلت شبكة معلوماتية يمكن للمواطنين المساهمة بالمعلومات عن طريقها، "احنا بنساعد الجيش، في النهاية أوكرانيا كانت أرضاً ووطناً لنا".

الحرب على أوكرانيا

الوثيقة الخاصة بالكوارث

حسب الصحفي العراقي والمقيم في أوكرانيا نعمان محمد، فإنّ من يحمل شهادة الطب من العرب ويعمل في المستشفيات الأوكرانية فأجبر على المشاركة في إسعاف الجنود، خصوصاً إذا كان ضمن الموقعين على الوثيقة الخاصة بالكوارث والأزمات.


وفقاً لنعمان، فإن الجالية العراقية في أوكرانيا تعد من الجاليات القليلة، فالعراقيون في أوكرانيا لا يتجاوزون ألف مواطن؛ أغلبهم من الطلاب والذين لا يندرجون تحت مُسمى الجالية، لكن من يحمل الإقامة الكاملة من العراقيين بأوكرانيا نحو 50 شخصًا فقط، أغلبهم خرج بالفعل مع اندلاع الحرب.

 

حرب روسيا وأوكرانيا







أضف تعليقك