قبل خميس الحرب.. لماذا لم يُغادر طلاب مصر أوكرانيا؟

أسرى العلم
أسرى العلم



بينما ينشغل القاصي والداني بتصاعد الأحداث لذروتها في أوروبا عقب إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، شن هجوم على أوكرانيا، تبعتها أوامره بتنفيذ ضربات في كل الاتجاهات، وتأهب قواته النووية، كان هناك من يتحدث عن الطلبة العالقين في الدولتين، متسائلين لماذا لم يغادر الطلبة في أوكرانيا وروسيا على الرغم من تحذيرات الحرب؟

سؤال طرحه الكثيرون من متابعي أحداث الحرب الروسية الأوكرانية، خصوصاً بعد تعالي أصوات الاستغاثات بإجلاء الطلبة، من قبل ذويهم وبعض المتعاطفين معهم.

موضوعات متعلقة

الـ24 من فبراير لعام 2022، يوم غير موازين الحياة رأساً على عقب، يوم سيظل عالقاً في أذهان الطلبة المصريين، الذين اختارهم القدر لاستكمال دراستهم الجامعية في أوكرانيا أو روسيا.

طلاب مصريين

إدارة الجامعات الأوكرانية والروسية.. لديها الإجابة عن السؤال، إذ هددت طلابها «اللي هيسافر مش هيتحسب له السنة»، فضلاً عن تعنتهم وتأخيرهم في استخراج أوراق ثبوتية تفيد بقيد الطلاب بها.

«إدارة الجامعة كانت رافضة، وهددوا الطلبة بالفصل في حالة عدم الالتزام، وكانوا بيطمنونا أنه مافيش داعي للقلق، وإن قلقنا مالوش أي سبب وجيه».

بصوت يرتجف خوفاً على فلذة كبدها، كشفت آمنة، والدة طالبين مصريين في أوكرانيا، سبب عدم مغادرة ابنيها الأراضي الأوكرانية قبيل اندلاع الحرب رغم التحذيرات المتكررة.

لهذا السبب، تخلل الخوف عقول الأبناء قبل آبائهم، خشية أن يكون إصرارهم على المغادرة «خطوة خاطئة تؤثر على سير دراستهم في حال لم تكن الحرب»، متغاضين بذلك عن كل التحذيرات التي تناقلتها وكالات الأنباء الإقليمية والعالمية وشاشات التلفزيون.

جرجس والطلاب على الحدود الرومانية

فضلاً عن أن أحدهما يدرس بالسنة الدراسية الثالثة في كلية الطب، جامعة «سومي» الطبية، كان لديه امتحان «كروك»، وإن لم يجتزه سيضطر إلى إعادة السنة كاملة.

محمد، وعمرو أحمد، ابنا السيدة المصرية القاطنة بإحدى دول الخليج، يدرسان بكلية الطب في أوكرانيا، لا تريد والدتهما شيئاً من الدُّنيا الآن سوى عودتهما إلى حضنها آمنين، وإذا عاد بها الزمان قبيل إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن بدء الحرب ضد أوكرانيا، فجر الخميس الماضي، لحاربت العالم من أجل استرجاع ولديها.

قرار تمنت الأم عدم اتخاذه، وهو سفر ابنيها إلى أوكرانيا للدراسة بكلية الطب هناك، «للأسف كانت فكرتي، لأن مصر تشترط على طلاب الثانوية العامة من الخليج حصولهم على 100% من أجل الالتحاق بكلية الطب، وتقدير محمد ابني كان 94%، وعمرو 98.6%».

موضوعات متعلقة

عبدالرحمن سعد، ابن صعيد مصر، لم يتغير حاله كثيراً عن محمد وعمرو، حيث سافر إلى أوكرانيا، ليكمل دراسته، ويلتحق بكلية طب الأسنان هناك، ورغبة منه في استكمال دراسته وسط أصدقاء الثانوية.

النزوح من أوكرانيا

«كان مستني الورق يطلع من الجامعة، عشان لما ينزل يعرف يكمل دراسته»، هكذا عللت شيماء، والدة عبدالرحمن، عدم مغادرة نجلها أوكرانيا رغم تحذيرات الحرب المترددة في كل وسائل الإعلام.

لكن، ولسوء حظ عبدالرحمن، لم يحالفه الحظ في استخراج أوراقه التي تُفيد بأنه طالب في السنة الدراسية الأولى بكلية طب الأسنان هناك، نتيجة اندلاع الحرب الروسية الشاملة جواً وبحراً وبراً، وبالتأكيد لا أحد يعرف سبب تأخيرالكلية في إعطائه تلك الأوراق، وهل كانت تتعنت في ذلك أم لا؟

ما يطمئن والدته الآن، أن ابنها العالق بالعاصمة الأوكرانية كييف، توجه رفقة أصدقائه عبر أتوبيس «خاص» مخصص لنقل العالقين إلى بولندا.

زياد، وشقيقته، تذوقا معاناة أقرانهما من الطلبة المصريين الذين يستكملون دراستهم في أوكرانيا، بعد الهجوم الروسي على جميع أنحاء البلاد بذريعة استهداف مواقع عسكرية فقط، لكن حقيقة، هو لم يفرق بين عسكري ومدني.

لكن زياد لم يعانِ من أزمة استخراج أوراق ثبوتية في كليته، «ابني كان يستخرج أوراقه أولاً بأول، لذا لم نواجه مشكلة في ذلك»، حسبما تقول والدته.

الحرب على أوكرانيا

«المشكلة كانت في ابنتي الطالبة لأنها في السنة الأولى، ولم تتمكن من استكمال إجراءات قيدها بالجامعة نتيجة الأحداث، بمعنى أن وجودهم كان معلقاً، لسبب أساسي وهو استكمال إجراءات قيدها».

وبينما تتلهف الأم على الأخبار والتعليقات عسى أن تجد ما يريح قلبها الضعيف على ولديها، لفت انتباها شيء آخر استفز مشاعرها، وهو ما يُشاع أن الطلاب في أوكرانيا التحقوا بكليات الطب بتقدير 50%، بواسطة أموالهم.

«ولادي الاتنين حاصلين على تقديرات عالية 99%، و99.5% ثانوية معادلة، وكانوا عايزين يحققوا حلم دراسة الطب في بلدهم، ولم تُتَح أمامهم غير الجامعات الخاصة، وقتها فضلنا البحث عن فرصة تعليم قوية في جامعة حكومية بالخارج، وقد كان».

موضوعات متعلقة

120 دقيقة.. مدة لن ينساها الطالب يوسف طلال، هي الفارق بين موعد طائرته إلى مصر، والموعد الذي حدده بوتين للهجوم الروسي ضد أوكرانيا.

«ابني في خاركيف، أولى طب بشري في جامعة خاركيف الوطنية، كان فاضل ساعتين بس من طيارته إلى مصر، والضرب حصل»، بصوت مضطرب يملؤه الخوف تحكي والدة يوسف ما مر به نجلها.

الحرب على أوكرانيا

الأم التي اطمأنت على نجلها بعد معرفتها أنه استقل قطار الساعة 11 صباح اليوم، من خاركيف، متجهاً إلى مدينة لفيف، تقول: «سبب تأخيرنا في استخراج الأوراق، أنه لم يتسلم جواز السفر المدون به إقامته في أوكرانيا، مع أنه كان يسعى لاستخراجه منذ بدء الحديث عن الحرب، ليستطيع استخراج أوراق ثبوتية من الكلية، قد يحتاج إليها عند عودته إلى القاهرة».

لم تقتصر معاناة الطلبة العالقين في أوكرانيا فقط، وقلق ذويهم عليهم، نتيجة ما تتعرض له من وابل النيران القادمة من كل الاتجاهات كما أمر بوتين قواته، بل تخطى القلق ليصل إلى رفاقهم ممن يدرسون في روسيا أيضاً.

«بنتي طالبة بالسنة الأولى في كلية الطب بجامعة كازان الروسية، وقالت لي: «ماما كل زملائي محدش منهم سافر»، حسبما قالت والدة الطالبة نوران.

«الجامعة في روسيا هددتهم بأن اللي هيسافر لن تحسب له السنة الدراسية»، هكذا عللت الأمم سبب عدم عودة ابنتها، لكن ما يطمئنها الآن أن بنتها بخير.

موضوعات متعلقة







أضف تعليقك