للنجاة من صواريخ الروس.. أسرة عمر تصلي لعودة ابنها
6 سنوات قضاها الفتى بمدينة خاركوف الأوكرانية أو كما يطلق عليها مدينة العلم، خلال تلك المدة كانت الأم تعيش لحظات من الخوف والقلق وبين الحين والآخر تطلب منه العودة إلى أحضانها وتحقيق حلمه بجوارها، لكن حلم الفتى كان أكبر من أي شيء آخر حتى دقت ساعات الحرب وأصبح وحيداً في بلد غريب دون مأوى آمن.
في شمال مصر وبمدينة المنصورة تعيش أسرة الشاب عمر، الفتى الذي يدرس في الفرقة السادسة بكلية الطب جامعة خاركوف الوطنية، كان الوضع هادئًا داخل منزل تلك الأسرة البسيطة الأب أديبًا وكاتبًا والأم ربة منزل تهتم برعاية أبنائها، تدعو الله في جوف الليل أن يعود نجلها الأكبر من غربته لأحضانها.
تمر الشهور المتبقية على انتهاء الفتى من دراسته ثقيلة على الأم، لكنّها مُتيقنة أن فرحة صغيرها بشهادته الكُبرى ستنسيهم مُر تلك السنوات التي عاشوها، وبالرغم من أن الأم كانت دائمة القلق على نجلها، حتى أنه حينما كان يُصاب ولو بمرض بسيط تُصر على عودته "كان يحصل أي أزمة تقوله ارجع وخلاص مش عايزة طب ولا أي حاجة".
كان عمر مجتهداً في دراسته حصد على مجموع مرتفع في الصف الأول والثاني الثانوي، لكن ظروف مرضه الشديد في الثانوية العامة وقفت عائقًا أمام حصوله على مجموع مرتفع بالصف الثالث، والذي منعه من تحقيق حلمه بالالتحاق بإحدى الكليات الطبية في مصر حتى أن مجموعه لم يُناسب الجامعات الخاصة.
وبالرغم من محاولات الأسرة إقناع الفتى بالالتحاق بكلية الآداب شعبة اللغة الإنجليزية لكنّ الفتى أصر على أن يُصبح طبيبًا فلم يكن أمام الأب سوى الانصياع لرغبة صغيره، والتقديم له بإحدى جامعات أوروبا، وبالفعل تميز الفتى في دراسته حتى وصل للمرحلة النهائية، لكن مؤشرات الحرب التي ظهرت قبل أيام دفعت والديه لإقناعه بقرار العودة إلا أن الجامعة كان لها رأي آخر ورفضت السماح للطلاب بالمغادرة، ولم يكن أمام عمر سوى الاستمرار.
"أول لما عرفت بأخبار الحرب كنت في مأمورية بالعاصمة الكبرى ومقدرتش أبلغ والدته" في صباح يوم الخميس تفاجأ الأب باندلاع الحرب، انتفض من مكانه محاولًا الوصول لصغيره، أجاب الفتى على والده وطمأنه بأن القصف يبعد عنهم ولا يصلهم سوى صوت الطائرات فقط، لكن بعد ساعات ازداد الوضع سوءًا وانقطعت الكهرباء بالمدينة وفُرضت الأحكام العرفية ولم يكن أمام عمر ورفاقه سوى الاختباء بملاجئ مترو الأنفاق.
ساعات مرت على الأب مُحاولا البحث عن طريق لتوفير الأمان لنجله رغم بُعد المسافات بينهما فلم يجد أمامه سوى مواقع التواصل الاجتماعي، فيما جلست الأم بمنزلها بعدما وصلتها الأخبار تقيم صلاتها تدعو الله أن يعود صغيرها إلى أحضانها في أمان، خاصة وأن المدينة التي يعيش بها في مرمى صواريخ الروس، وتبعد مسافة كبيرة عن أقرب بلدة حدودية يمكن للصغير أن يلجأ إليها ورفاقه للهروب من الحرب.