صالح| من عمال الجيل الأول في «بنبان»: الموضوع كان شاقاً

عمال بنبان
عمال بنبان



الرابعة فجراً يستيقظ الأربعيني صالح محمد، للذهاب إلى محل عمله الجديد بمشروع الطاقة. التقى على أطراف البلدة الكثيرَ من أصدقائه وجيرانه، كل منهم يحمل بيده حقيبة صغيرة بها زجاجة ماء وبعضاً من حبات البلح وكسرات خبز وجبن، يرحلون سوياً ومع شروق أول شعاع للشمس يبدأ العمل.

ولد صالح بقرية المنصورية، تلك الجزيرة التي تحيطها مياه النيل من كل جانب، التابعة لمركز دراو بمحافظة أسوان، منذ طفولته لم يعرف سوى مهنة الزراعة التي ورثها عن أبيه وأجداده، فإما أن يعمل في قطعة أرضه الصغيرة وإما أن يستأجر أرضاً داخل حدود القرية.

عمال بنبان

"أنا أب لـ4 أولاد، وكنت بدوَّر على عمل أفضل علشان يعيشوا"، قبل نحو 4 سنوات وكغيره من أبناء بلدته عَلِمَ صالح بنبأ إنشاء محطة جديدة لتوليد الطاقة الشمسية في بنبان، القرية التي تبعد بضعة كيلومترات صغيرة عن بلدتهم، لم يتردد الأربعيني وقرر البحث عن فرصة في هذا المشروع؛ خصوصاً أن دراسته تؤهله لهذا العمل، فقد تخرج في مدرسة كومبو- قسم ميكنة زراعية.

كان صالح ورفاقه من قرى غرب أسوان هم مَن وضعوا البذرة الأولى للمشروع، ورغم عدم إداركهم الكثير من الأمور؛ فإنهم سعوا للتعلم منذ اللحظة الأولى، فصالح اكتسب خبرة بسيطة من دراسته في الميكنة ساعدته على تعلم العمل بالطاقة بشكل أسرع، حتى إنه بعد فترة زمنية قصيرة كان يتسلم القادمين الجدد لتعليمهم.

"المشروع كان بيدخل لي دخل كويس، بس برضه ماسيبش مهنتي الأصلية".. يُنهي صالح عمله في الثالثة عصراً، يستقل السيارة مع زملائه ويصل إلى بلدته في الرابعة عصراً، يضع حقيبة يدَيه الصغيرة ويحمل فأسه ويذهب إلى أرضه لاستكمال مهمة عمله، والتي يمكن أن تنتهي مع غروب الشمس.

بنبان

على الرغم من أن صالح اعتاد العمل وسط ظروف صعبة؛ فإن العمل في مشروع للطاقة لم يكن بالأمر السهل على الصعيدي، حرارة جو مرتفعة وسط صحراء تخلو من أثر الحياة، إلا أن الصعوبة الأكبر التي واجهتهم كانت في مياه الشرب، فصالح وأبناء القرية كانوا يحملون المياه المثلجة ويصعدون بها إلى الجبل، ومع اشتداد شمس الظهيرة تنفد المياه، فيضطرون إلى استخدام مياه المشروع، والتي لا تصلح للشرب؛ نظراً لارتفاع درجة غليانها.

"نواة البلح اللي كنا بناكلها كانت بتطرح مكانها"، كان صالح يحصل على ساعة لتناول وجبة الغداء، لكن مع مشقة العمل كانوا أحياناً يتضورون جوعاً، فيضطرون إلى تناول البلح وبعض من الخبز والجبن الذي يحملونه معهم إلى الجبل، وبعد أشهر من العمل لاحظ صالح أن نواة البلح التي كانوا يتركونها خلفهم نبتت حولهم لتعمر الأرض من جديد بجانب المشروع.

عمال بنبان


"كان الموضوع شاقاً علينا؛ خصوصاً أنني اشتغلت في الجيل الأول للطاقة"، العمل داخل محطة بنبان لم يكن سهلاً على الإطلاق؛ خصوصاً الأسابيع الأولى لوضع حجر الأساس للمشروع، فصالح اختص عمله بحمل وتركيب المواسير الكبيرة، والتي كانت تحتاج على الأقل إلى نحو 8 أفراد لحملها وتركيبها، فأسهم صالح بجهد كبير ضمن الجيل الأول.


الجمعة كانت إجازة صالح الأسبوعية؛ لكنه أحياناً كانت ظروف العمل تدفعه للذهاب يوم إجازته، ولأن العمل في المشروع أسهم في رفع معيشته بخلاف الزراعة التي كان العمل بها محدوداً؛ نظراً لصغر مساحة قريتهم، فصالح ورفاقه كان يحصل كل منهم على أجر يومي يتراوح بين 120 جنيهاً و150 جنيهاً، بخلاف العمل بالزراعة التي كان يحصل بها على أجر يومي لا يتجاوز الـ80 جنيهاً.

أنهى صالح عمله بالمشروع؛ لكنه تمنى لو استكمل العمل به؛ خصوصاً أنه وأهل بنبان والمنصورية وفارس وغيرها من البلاد المجاورة، من لهم الحق الأكبر في العمل داخله كونه يقع ضمن نطاق أرضهم.







أضف تعليقك