الموت أسفل الأنقاض أكرم.. رفاعي خسر أُمه بالعقار المنهار وعايش في خيمة

رفاعي
رفاعي



في السابعة صباحاً ودَّع رفاعي والدته كعادته وغادر إلى عمله في منطقة البيطاش بالإسكندرية، وفي الثانية عشرة ظهراً استقبل اتصالاً هاتفياً من جاره يخبره أن منزلهم انهار، وهناك ضحايا أسفل الأنقاض.

غادر الثلاثيني عمله متوجهاً إلى منزله على أمل أن يكون هذا الاتصال مقلب من أحدهم؛خصوصاً أن والدته وزوجته وطفلته البالغة من العمر عامين بالداخل.. وصل الشاب إلى شارعه ليتفاجأ بسيارات الشرطة ورجال الإنقاذ يحملون جثمان والدته التي لفظت أنفاسها عقب خروجها بلحظات معدودة.

رفاعي

"أنا خسرت بيتي وأمي وقاعد ببنتي في الشارع"، رفاعي عطوة شاب ثلاثيني يقيم بشارع الشمعدان في منطقة الدخيلة بمحافظة الإسكندرية.. في شهر يونيو الماضي انهار منزل رفاعي، سقط 8 أفراد ضحية هذا الانهيار؛ من بينهم والدته العجوز، وتمكنت زوجته وطفلته الرضيعة من النجاة بأمان، الشاب الذي يعمل كهربائياً لم يكن أمامه مأوى آخر للعيش بداخله بعد انهيار منزله، فغادر منطقته التي ولد بها رفقة 17 عائلة من جيرانه إلى وجهة في البداية كانت غير معلومة بالنسبة إليهم؛ لكنَّ مَن أخرجوهم أخبروهم أنها أكثر أماناً.

بداخل حوش مدرسة النورس في منطقة الدخيلة، وقف رفاعي رفقة رضيعته وزوجته، يفكر في مستقبلهم، فقبل ساعات فقد والدته ومنزله واليوم يعيش رفقة العشرات داخل فصول مدرسة ابتدائية ولا يدري ما يخبئ له المستقبل، نحو 4 أشهر قضاها الثلاثيني بالمدرسة، حتى غادروها رُغماً عنهم مع بداية العام الدراسي، في رحلة جديدة إلى وجهة أخرى غير معلومة أيضاً.

رفاعي

على باب مبنى ضخم لافتة مكتوب أعلاها "مركز الشهيد محمد علي المسيري" تجمَّع العشرات من النساء والرجال والأطفال، وأمامهم نحو 9 من الخيام القماش طبعت عليها "الهلال الأحمر المصري" وسط بكاء النساء وصراخ الأطفال، طلب المسؤولون منهم الدخول والإقامة بتلك الخيام لفترة زمنية قصيرة لن تتجاوز أربعة أيام، لا خيارات أخرى أمام رفاعي سوى الدخول والانتظار حتى يحصل على شقة سكنية أو حتى غرفة صغيرة للعيش بها مع أسرته؛ خصوصاً أن ظروف أشقائه لا تختلف كثيراً عنه؛ لذا فلن يحملهم عبء الإقامة لديهم.

"ممكن نبقى نايمين وناس تدخل وتطلع علينا.. إحنا هنا مش عايشين"، ما يقرب من 3 أشهر قضاها رفاعي وجيرانه داخل الخيام المنصوبة بساحة مركز الشباب.. في البداية كان الوضع أقل صعوبة؛ نظراً لأن فصل الشتاء لم يبدأ بعد، لكن مع النوة الأولى التي ضربت محافظة الإسكندرية قبل أسابيع هنا بدأت المعاناة الكبرى للأهالي حتى اضطر بعضهم للعودة إلى منزله الآيل للسقوط؛ في رأيه الموت أسفل الأنقاض أكرم من الموت في "الطل"، الثلاثيني يستغيث لنجدة طفلته الرضيعة "مكة" والتي أصيبت بعدة أمراض، منذ اليوم الأول من مكوثهم بالخيام، واشتد المرض عليها الأيام الماضية في ليالي البرد القاسية.

مركز شباب الشهيد المسيري







أضف تعليقك