لينا أبو عشمة.. جريحة واجهت الموت بمدارس الأونروا

الأونروا
الأونروا



الثانية عشرة منتصف ليل أول أيام عيد الفطر المبارك، اشتدّ القصف على مدينة بيت حانون الفلسطينية، احتضنت لينا أطفالها داخل غرفتهم الصغيرة؛ محاولة بث الطمأنينة في قلوبهم، لكنّ صوت الطائرات كان يدفعهم للبكاء الشديد، اقترب القصف من المنزل.. لم يكن هناك حل أمام تلك الأسرة سوى الهروب من الموت؛ حمل الأب بعضاً من الحقائب الخفيفة، وهرولت الأم نحو الشارع رفقة صغارها، دون معرفة الوجهة التي سيحتمون بها من صواريخ الاحتلال.

لم يكن هناك مأوى أمام الفلسطينية لينا أبو عشمة وأسرتها سوى اللجوء إلى مدرسة الأونروا بالمدينة، مثلما فعل أبناء الحي الذي تقطن فيه، وقف العشرات أمام أبواب المدرسة يستغيثون بالموجودين داخلها، لكنّهم رفضوا استقبالهم؛ مما اضطر شقيق الثلاثينية ووالدها إلى كسر باب المدرسة والدخول عنوةً هرباً من القصف.

"الوضع كان مأساوياً؛ ناس مهجرة طالعة من بيوتها لكن الأونروا تعاملت معنا بقسوة"، منذ اللحظة الأولى التي وطأت فيها أقدام لينا وأسرتها وجيرانها أرض المدرسة بدأت معاناتهم الكبرى.. رغم تجاوزهم الباب الرئيسي؛ فإنهم في البداية لم يفلحوا في الدخول إلى الفصول، فمكثوا ساعات طويلة بالساحة تحت أشعة الشمس، تحاول الأمهات أن تظلل بملابسها على الصغار ويبحث كبار السن عن ظل أسفل السور للاحتماء به، لكنّ الأمر لم يستمر طويلاً.

تجمهر العشرات داخل الساحة وضغطوا على مسؤولي المدرسة لفتح الفصول، والذين أخبروهم بأنهم سيتسببون في مشكلة كبرى لهم؛ خصوصاً أنه لم يصل إليهم قرار من الأونروا بفتح المدارس للنازحين؛ لكن مع استمرار الضغط من الأهالي نجحوا في الدخول إلى فصول المدرسة، لكن تبقى الأزمة قائمة، "حياة بلا مياه أو كهرباء أو طعام".

قبل سنوات أُصيبت لينا في قصف للاحتلال أفقدها السير وحيدة دون عكاز، وفي الحرب الأخيرة جُرح نجل شقيقها، وجلس الاثنان رفقة خمسة عشر شخصاً من أفراد عائلتهما داخل حجرة لم تتجاوز الأمتار دون كهرباء أو أي مقومات للحياة، حتى حقهم البسيط في توفير الخدمات الطبية لم تتَح أمامهم، فاضطروا إلى شراء مياه الشرب والطعام البسيط على نفقتهم الخاصة.

"وقت ما صارت الهدنة حتى لو بيوتنا مدمرة ومهدومة اضطررنا نرجع لها حتى لو هنقعد على الرماد"، في الصباح الباكر من أول أيام الهدنة، حاول مدير المدرسة وطاقم التدريب بها طرد النازحين، سواء مَن هُدمت منازلهم وباتت رماداً أو حتى مَن بقيت أجزاء بسيطة من بيوتهم، الجميع أمام مسؤولي المدرسة سواسية وعليهم المغادرة سريعاً، لتعيش لينا وأسرتها خلال 14 يوماً معاناة لم تختلف كثيراً عن صواريخ المحتل.







أضف تعليقك