أحمد سلامة.. أكثر من عشر سنوات في إحياء طريق الكباش
بدأ أحمد عمله داخل أروقة القاهرة التاريخية قبل نحو 20 عاماً، منذ تخرجه في كلية الآثار عام 2002، ظل نحو عشر سنوات يتنقل بين متاحفها ومساجدها، حتى شدّ الرحال إلى وطنه بالجنوب ليستكمل مهامه، ويبدأ رحلة جديدة بين جدران معابد الأقصر ومقابر برها الغربي.
"الشغل اللي ظهر ده مش وليد سنة ولا اتنين، دول سنين طويلة"، في عام 2011 بدأ أحمد سلامة ابن مدينة قوص بمحافظة قنا، العمل كفني ترميم داخل معابد الكرنك وطريق الكباش، كان الأربعيني ضمن فريق الترميم الذي شارك في إحياء الكباش، والذي بدأ العمل به قبل عدة سنوات على الرغم من أن عملهم كان بسيطاً وليس بالقدر الكبير الذي ظهر في الأشهر القليلة الماضية؛ نتيجة محدودية الإمكانات التي توفرت لديهم والتي عدَّلتها الدولة في ما بعد لخروج هذا المشروع بهذا الشكل.

يخرج الأثري من منزله في السادسة صباحاً للوصول إلى عمله في السابعة والنصف، ويبدأ هذا العمل مع العثور على التماثيل التي تحوَّل أغلبها عبر السنين إلى قطع متناثرة، ومهمته هي إعادة تلك القطع إلى مكانها، كان يقوم بترميم تلك القطع واحدة تلو الأخرى، وتنظيفها ميكانيكياً ووضع المواد الكيماوية الخاصة بالترميم عليها، ثم ترتيبها وترقيمها وتجميعها في ما بعد كقطعة واحدة، وحال وجود قطع مفقودة يتم استكمالها بـ"المونة" أو الحجر الرملي.
"أهم حاجة في الكبش اللي بنلاقيه رأسه، والباقي ممكن نصلحه"، الحظ أحياناً كان يحالف أحمد ورفاقه حينما يعثرون على كبش سليم لا يحتاج إلا إلى ترميم بسيط، لكن في أغلب الأوقات كانوا يعثرون على الكبش مقسماً إلى قطع؛ لكن النقطة الأصعب أثناء عثورهم على الكبش دون رأسه في تلك الحالة لا يتم العمل عليه، فباقي أجزاء الكبش يمكن تشكيلها بالمونة الجير والرمل وحجر الرميل الجديد، لكنّ الرأس لا يتم تشكيله حفاظاً على الناحية الأثرية على الرغم من قدرتهم على فعل هذا الأمر بسهولة؛ نظراً لخبراتهم الكبرى، لكنّهم كانوا يحافظون على الجزء الأثري والتاريخي بالكبش.
شارك سلامة في العديد من البعثات الأجنبية، واكتسب مزيداً من المهارات المختلفة، فعمل مع إحدى البعثات الأمريكية بترميم مقابر في البر الغربي بالأقصر؛ لكنه لم يصنع إنجازاً كالذي صنعه في ترميم طريق الكباش، والذي لم ينتهِ العمل به على الرغم من افتتاحه، فالطريق تم امتداده من معبد الأقصر حتى الكرنك، لكنّ إعادة الكباش بالكامل لهيئتها الأصلية لا يزال قائماً، وسيستمر العمل به الأيام القادمة، ولا يمكن تحديد موعد للانتهاء من هذا الأمر؛ خصوصاً أنه في أي وقت يمكن العثور على أجزاء مفقودة لكباش اعتقدنا أنها تم الانتهاء منها، لكن مع العثور على تلك الأجزاء نعيد ترميمها من جديد.
"الحياة بإيد ربنا، بس لما بتمسك حاجة ميتة وتحس إنك رجعت الحياة فيها ده السر اللي خلانا نستمر في اللي احنا بنعمله، ونطلعه بالشكل اللي كل الناس بتشوفه في النهاية".