استمرار جهود مصر لدعم لبنان سياسيا واقتصاديا

سليمان إبراهيم

الجمعة، 10 ديسمبر 2021 12:32 ص

استمرارا لجهود مصر المتواصلة لتقديم كافة أوجه الدعم إلى لبنان الشقيق لتجاوز الأزمة الحالية التي يمر بها، يأتي استقبال الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية لنجيب ميقاتي رئيس الوزراء اللبناني للتأكيد على حرص مصر للوقوف بجانب لبنان وتقديم المساعدة اللازمة له وهو ما ترجم في الحفاوة والترحيب الكبير برئيس الوزراء اللبناني في بلده الثاني مصر.

دعم رئاسي للبنان

الرئيس السيسي أكد خلال اللقاء على الاعتزاز بعمق العلاقات الوطيدة بين مصر ولبنان على المستويين الرسمي والشعبي، وحرص مصر على سلامة وأمن واستقرار لبنان وتحقيق المصالح الوطنية اللبنانية وتجنيب لبنان مخاطر الصراعات في المنطقة.

ويأتي ذلك في إطار الاهتمام المصري الدائم بكل ما فيه مصلحة لبنان، بما يساعد على الحفاظ على قوة وقدرة الدولة اللبنانية، بالإضافة إلى صون مقدرات الشعب اللبناني الشقيق ووحدة نسيجه الوطني.

رئيس الوزراء اللبناني من جانبه أشاد بجهود مصر الحثيثة والصادقة لحشد الدعم الدولي للبنان على شتى الأصعدة في ظل استمرار التحديات الصعبة التي يواجهها الشعب اللبناني خاصةً على المستوى السياسي والاقتصادي.

كما أكد ميقاتي اعتزاز لبنان بالعلاقات التاريخية الوطيدة التي تربط الدولتين الشقيقتين، والتي تقوم على أسس من التضامن والأخوة، وتقدير بلاده للدور المصري الحيوي كركيزة أساسية في حفظ الاستقرار بها والمنطقة العربية ككل، ومثمناً التجربة المصرية الراهنة المبنية على أولوية النجاح الاقتصادي والتنموي، والتي تعد نموذجاً يحتذى به في دول المنطقة.

الربط الكهربائي

وعلى نفس المنوال أكد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء خلال مباحثاته مع نظيره اللبناني، نجيب ميقاتي على الحرص الكبير من جانب الرئيس السيسي على دعم الحكومة والشعب اللبناني في هذه المرحلة الدقيقة، وتقديم كل ما من شأنه دعم استقرار لبنان، ومساعدته على تجاوز التحديات والصعوبات التي يمر بها.

وأضاف مدبولي أن الرئيس عبد الفتاح السيسي وجه بسرعة إمداد لبنان بالغاز اللازم لتوليد الطاقة من أجل حل مشكلة انقطاع الكهرباء، مؤكدا في هذا الصدد أن مصر كانت وستظل دوما داعما للبنان الشقيق، وهو الأمر الذي ترجم بشكل واضح مؤخرا خلال تفشي وباء كورونا، والحادث الأليم لانفجار مرفأ بيروت بتقديم المساعدات الطبية والإنسانية لمواجهة هذا الحادث الأليم.

وتعزيز التعاون المشترك كان محور مباحثات مدبولي وميقاتي حيث استعرضا خلال لقائهما أوجه مجالات التعاون المقترحة والدعم المطلوب، والتي تضمنت تعزيز التعاون في مجال تصدير الغاز والربط الكهربائي بين مصر ولبنان وتسهيل حركة التبادل التجاري لاسيما فيما يخص المنتجات الزراعية اللبنانية.

وقال الدكتور مصطفى مدبولي إن المباحثات تطرقت أيضا إلى بعض الطلبات الأخرى الخاصة بتوفير عدد من الأدوية اللازمة لعلاج الأمراض المزمنة والمواد الغذائية العاجلة، متعهدا بالعمل على تلبية هذه الطلبات على الفور.

وفي هذا الإطار أكد مدبولي أن هناك توجيهات واضحة من الرئيس السيسي للحكومة، بتقديم كل ما يلزم من أجل دعم لبنان مؤكدا أن الدولة المصرية لم ولن تتأخر على أشقائنا في لبنان بهذا الشأن.

ولتخفيف المعاناة عن اللبنانيين وعد رئيس الوزراء أيضا بدراسة المقترح اللبناني لتنفيذ عملية الربط الكهربائي، كما تمت مناقشة إمكانية وضع حلول فنية طويلة المدى لربط الطاقة بين البلدين، وخاصة الطاقة الكهربائية، لافتا إلى أنه سيتم دراسة ذلك بحيث من الممكن أن يتم تنفيذه من خلال القطاع الخاص.

وتطرقت المباحثات بين الجانبين إلى عقد اللجنة الوزارية المشتركة، حيث تم التوافق على أن يتم عقدها في أقرب فرصة في بيروت برئاسة رئيسا وزراء البلدين.

من جانبه، ثمن رئيس الحكومة اللبنانية دعم مصر الدائم لبلاده في جميع المواقف والظروف والتحديات التي واجهتها البلاد، موجها الشكر لمصر وللرئيس عبد الفتاح السيسي مؤكدا أنه صاحب النهضة الحديثة في مصر.

وشدد ميقاتي على أن مصر هي الحاضنة العربية الحقيقية، وذلك لسياستها الحكيمة للتقارب بين الدول العربية، مؤكدا على أن مصر تاريخيا هي "النفس العربي" للبنانيين، حيث يشعر كل لبناني أن مصر دائما بجانبه، ولبنان حريص كل الحرص على المحافظة على هذا التاريخ.

توقيت زيارة ميقاتي

وتأتي أهمية الزيارة وتوقيتها في أنها أول زيارة خارجية لنجيب ميقاتي منذ توليه مهام منصبه في دلالة واضحة على مكانة مصر باعتبارها بوابة رئيسية لعودة لبنان إلى الحاضنة العربية.

وأكد خبراء على أن الدولة المصرية ساعدت في دعم لبنان في مختلف المجالات خاصة في ظل الأزمات المتلاحقة للدولة اللبنانية داخليا وخارجيا خلال الفترة الراهنة.

وأوضحوا أن مصر تسعى لدعم لبنان الشقيق وتسهيل عودته بشكل سريع إلى الحاضنة العربية بجانب تسهيل العقبات التي تواجه المواطن اللبناني خاصة في مجالي الطاقة والكهرباء، بجانب العمل لنقل الغاز المصري إلى لبنان للمساعدة في تشغيل محطات الكهرباء والتغلب على أزمة نقص الكهرباء.

وتأكيدا على أهمية دور مصر أشار السفير محمد حجازي مساعد وزير الخارجية الأسبق إلى أن تحقيق خروج الأطراف الدولية من الساحة اللبنانية يحتاج إلى الدعم الدبلوماسي المصري والعربي.

وفي نفس السياق، أشار السفير رخا أحمد حسن عضو المجلس المصري للشئون الخارجية ومساعد وزير الخارجية الأسبق إلى أن زيارة ميقاتي للقاهرة تأتي كذلك في إطار التنسيق والتعاون المستمر مع مصر، وللتأكيد على أهمية الدور المصري في الأزمة اللبنانية سياسيا واقتصاديا.

وأوضح رخا أنه بالنسبة للأزمة السياسية، فمصر دائما تقف إلى جانب الدولة اللبنانية، ولم يكن هذا وليد اللحظة، بل سبق وحدثت زيارات لمسؤولين مصريين إلى لبنان أثناء الأزمة الوزارية، ثم استمر الدعم على الجانب السياسي بعد تشكيل الحكومة، وحاليا فالقاهرة أكدت على القيام بكل ما تستطيع تقديمه خاصة في أزمة لبنان مع دول الخليج.

تصدير الغاز المصري

وحول الدعم الاقتصادي لبيروت، أكد عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية أن قضية الطاقة كانت على طاولة المباحثات، خاصة بعد أن وقعت القاهرة اتفاقا لإمداد بيروت بالغاز عبر سوريا لحل مشكلة الطاقة هناك.

وتوصل لبنان في سبتمبر الماضي إلى اتفاق مع مصر لاستيراد الغاز الطبيعي منها، عبر خط يمر بالأردن وسوريا، وتتوقع القاهرة أن تتمكن من بدء تصدير نحو 65 مليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي يوميا إلى بيروت بحلول أوائل عام 2022 وذلك بموجب خطة تدعمها الولايات المتحدة للمساعدة في تخفيف أزمة الكهرباء.

وبجانب موضوع الطاقة فإن مصر على استعداد للتوسع في التعاون الاقتصادي مع لبنان، وإمكانية الدخول معه في بعض الاستثمارات، خاصة في عمليات الإعمار الجارية لما بعد انفجار مرفأ بيروت سواءً محطات الكهرباء أو المرافق الأساسية.

حشد الدعم العربي والدولي

وفي هذا الجانب يرى الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالجامعة الأمريكية أن زيارة ميقاتي للقاهرة تأتي في توقيت له دلالة خاصة لأن اللبنانيين يرون في مصر دولة لها مصداقية وقدرة في التعامل مع كل القوى، وفي أعقاب تطورات مهمة مع دول الخليج.

وأوضح فهمي أن لبنان يعول على ما تتمتع به مصر من مصداقية دولية يمكن تساهم في تشجيع المؤسسات والمنظمات المانحة للتحرك ودعم الاقتصاد اللبناني، وكذلك يمكن أن تنسق مع فرنسا في إعادة العلاقات الخليجية – اللبنانية.

وأضاف أستاذ العلوم السياسية أن الزيارة تمثل استدعاء عاجلا للدور المصري في أزمة لبنان، والتأكيد على أهميته خاصة أنها أول زيارة خارجية لميقاتي بعد استقالة وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي.

ومصر تشارك لبنان في أزماته وتعمل على دعمه في مواجهة التحديات سواء على مستوى السياسية الداخلية أو العلاقات اللبنانية العربية التي تواجه بعض المنعطفات على رأسها العقبات في العلاقات اللبنانية الخليجية.

فكانت مصر أول من انتفض لمساعدته بجسر جوى وبرى عقب كارثة انفجار مرفأ بيروت في أغسطس 2020 ، وهذا ما أكدته المساعدات التي أرسلتها مصر تباعا شملت فريقا من الأطباء المصريين لبيروت لتقديم خبراتهم وجهودهم في خدمة المصابين نتيجة الانفجار، كما كانت مصر سباقة في حل أزمة الطاقة في لبنان وأزمة امدادات مخزون الغاز ببيروت.

دعم مصر الممتد للبنان يأتي في إطار دورها الريادي وواجبها تجاه أشقائها العرب خاصة من يمر بمحنة،

ولذا تؤكد مصر دائما على أن يدها مدودة للتكاتف وتسخير كل إمكانياتها للوقوف بجانب لبنان في أزمته من أجل عبوره لهذه المحنة وعودته للصف العربي معافى اقتصاديا ومستقرا سياسيا وأمنيا.