بعد غياب 20 عامًا.. مصر تتسلم رئاسة "الكوميسا"

مصر تستضيف قمة الكوميسا
مصر تستضيف قمة الكوميسا



تحت شعار "تعزيز القدرة على الصمود من خلال التكامل الرقمي الاقتصادي الاستراتيجي" تتسلم مصر رئاسة تجمع السوق المشتركة للشرق والجنوب الإفريقي "الكوميسا" وذلك خلال أعمال قمة المجموعة الـ 21 التي تحتضنها العاصمة الإدارية الجديدة بمشاركة وحضور ممثلي الدول الإفريقية أعضاء التجمع، سواء بالمشاركة الفعلية أو الافتراضية عبر تقنية الفيديو كونفرانس.

تسلم القمة

وتعقد القمة التي تتسلم مصر رئاستها بعد غياب دام 20 عاما بهدف تشجيع استخدام أدوات الاقتصاد الرقمي لتيسير ممارسة الأعمال داخل تجمع الكوميسا وتعزيز قدرة الدول الأعضاء البالغ عددهم 21 دولة على الصمود لمواجهة التداعيات السلبية لجائحة كورونا على اقتصاداتها.

وتشهد فعاليات القمة تسلم الرئيس عبدالفتاح السيسي رئاسة مصر للكوميسا من رئيس دولة مدغشقر، بالإضافة إلى إطلاق استراتيجية الكوميسا متوسطة المدى 2021-2025، والتي سيطلقها السيسي في ظل رئاسة  مصر للتجمع.

وتتطلع الحكومة إلى تحقيق أقصى استفادة من ترأس مصر للمرة الثانية للكوميسا وذلك بعد مرور 20 عاماً منذ آخر مرة تولت فيها مصر رئاسة التجمع عام 2001 في زيادة وتعميق أواصر التعاون مع دول التجمع في العديد من المجالات.

ويسهم تعزيز التعاون مع دول تجمع الكوميسا إلى دعم التوجه الاستراتيجي للدولة المصرية نحو القارة السمراء، حيث يسهم قيادة مصر للمجموعة في تعزيز جهودها الكبيرة في تحقيق التكامل الاقتصادي بدول القارة والتغلب على العقبات التي قد تعترض حرية التجارة بينها.

كما يعزز وجود مصر على رأس التجمع في تكثيف التعاون الاستثماري بين وكلاء الاستثمار في إفريقيا، وفتح قنوات اتصال بين حكومات الدول وممثلي القطاع الخاص لدفع حركة الاستثمارات داخل القارة.

استعدادات مصر

ولتعزيز التعاون مع دول المجموعة، أعدت وزارة التجارة والصناعة رؤية وطنية شاملة لرئاسة مصر لتجمع الكوميسا تتضمن عددا من الأنشطة التي تستهدف تعميق التكامل الاقتصادي بين مصر ودول التجمع لتعزيز التواجد المصري في إفريقيا بشكل عام ودول الكوميسا بشكل خاص وذلك من خلال تهيئة بيئة الأعمال لمجتمع الأعمال المصري لدعم تعاونه الاقتصادي مع دول الكوميسا وتيسير مهام عمله في التجمع لتعزيز الدور الريادي المصري الإقليمي.

وتتضمن الرؤية المصرية العمل على تعزيز مجتمع الأعمال في إقليم الكوميسا وزيادة الروابط بين تجمعات الأعمال لدعم التكامل الاقتصادي، بما ينعكس على زيادة حركة التجارة والاستثمارات البينية وفتح آفاق للتعاون في القطاعات ذات الأولوية.

كما تهدف وزارة التجارة والصناعة مشاركة الخبرات المصرية في القطاعات الاقتصادية ذات الميزة التنافسية مثل النقل والطاقة والاتصالات والصحة مع الدول الأعضاء لزيادة التعاون المشترك وتحقيق مزيد من التكامل الاقتصادي وتعزيز التواجد المصري في إفريقيا.

قطاع الصناعة يأتي على قائمة القطاعات خلال رئاسة مصر لتجمع الكوميسا وذلك من خلال الترويج لمبادرة التكامل الصناعي من خلال ترسيم خريطة الموارد المتاحة بالدول الأعضاء وربط سلاسل القيمة الإقليمية مع حث الأعضاء غير المنضمين لمنطقة التجارة الحرة على الانضمام وتطبيق الإعفاء الجمركي على وارداتهم من السلع ذات منشأ الكوميسا.

222222222222

آلية جديدة لتعزيز التعاون

كما اقترحت وزارة التجارة والصناعة تأسيس آلية لمراجعة السياسات التجارية لدول الكوميسا، ومشاركة خبرات مصر مع الدول الأعضاء في مجال المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتجارة الخدمات، وكذا مجال البنية التحتية من خلال التعاون مع سكرتارية الكوميسا والدول الأعضاء لتوفير مصادر تمويلية لممرات ومحاور النقل، وفي مقدمتها مشروع الربط بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط.

هذا بجانب العمل لتشجيع مبادرات التكامل الزراعي بين دول الكوميسا ودمج القطاع الخاص في تنفيذ مشروعات التنمية الزراعية.

وفي مجال الصحة تقوم الرؤية المصرية على إنشاء لجنة للتعاون في المجال الطبي بمشاركة وزراء الصحة بدول التجمع، وذلك بهدف صياغة خطة عاجلة لمواجهة التحديات التي فرضتها جائحة كورونا.

أما في مجالي السياحة والثقافة فتقوم الرؤية المصرية على ضرورة تفعيل لجنة السياحة والحياة البرية بالكوميسا والعمل على تكثيف برامج التعاون المشترك بين دول التجمع.

يأتي انعقاد هذه القمة في توقيت بالغ الأهمية، وذلك في ضوء التحديات التي فرضتها جائحة كورونا على معظم اقتصادات الدول أعضاء التجمع، والتي تراجع أدائها الاقتصادي في ظل تباطؤ الأداء الاقتصادي العالمي.

وبحسب عدد من الخبراء تمثل تحديات الجائحة دافعاً قويا لدول الكوميسا لاستمرار العمل على تعميق التكامل الاقتصادي وتهيئة المناخ لبيئة الأعمال وللقطاع الخاص، وذلك من خلال تكثيف الجهود المبذولة لتنمية الاستثمارات المشتركة في قطاعات البنية التحتية المختلفة وفي مقدمتها الاتصالات والنقل والمواصلات والطاقة.

نظرة إيجابية

ويعد تجمع الكوميسا أحد تجمعات التكامل الاقتصادي الإقليمية، ويستهدف تحقيق التكامل الاقتصادي بين دول الشمال والشرق والجنوب الإفريقى، من خلال إقامة منطقة تجارة حرة، يتبعها إقامة اتحاد جمركي ثم الوصول إلى مرحلة السوق المشتركة بين الدول الأعضاء.

وبلغ متوسط معدل النمو الاقتصادي للكوميسا نحو 5.6% خلال عام 2019، لكن هذا المعدل شهد تراجعاً كبيراً خلال عام 2020 بسبب تبعات جائحة كورونا على معظم اقتصادات الدول الأعضاء.

ويتوقع صندوق النقد الدولي أن ينتعش متوسط معدل النمو الاقتصادي في تجمع الكوميسا ليصل إلى 4.3% خلال عام 2021 ليصل إلى 6 % خلال عام 2022، حيث تعود هذه التوقعات إلى النظرة الإيجابية للتعافي الاقتصادي العالمي المدفوع بجهود التلقيح ضد فيروس كورونا وتحسن الطلب العالمي.

5555555555

 ما هي الكوميسا

الكوميسا هي اتفاقية السوق المشتركة لدول الشرق والجنوب الإفريقي، ويعد التجمع أحد الدعامات الرئيسية للجماعة الاقتصادية الإفريقية التي تم إقرارها في قمة أبوجا لعام 1991.

واستهدف إنشاء التجمع إلغاء كافة القيود التجارية فيما بين دول أعضاء التجمع تمهيدًا لإنشاء وحدة اقتصادية للمنطقة، وهو ما يخدم تحقيق هدف الوحدة الإفريقية.

وتمّ إنشاء الكوميسا في ديسمبرعام 1994 خلفًا لمنطقة التجارة التفضيلية التي بدأت فى عام 1981، وتستضيف العاصمة الزامبية لوساكا مقر سكرتارية الكوميسا.

ويضم تجمع الكوميسا في عضويته 21 دولة هي: الكونغو الديمقراطية، وجزر القمر، وبوروندي، وإريتريا، ومصر، وجيبوتي، وكينيا، وإثيوبيا، وإسواتيني، ومالاوي، ومدغشقر، وليبيا، وسيشيل، ورواندا، وموريشيوس، وتونس، والسودان، والصومال، وزيمبابوي، وزامبيا، وأوغندا.

ويزيد عدد سكان الدول الأعضاء على 583 مليون نسمة، ويبلغ الناتج المحلي الإجمالي 805 مليارات دولار، ويصل حجم تجارة هذه الدول في السلع مع العالم إلى 324 مليار دولار، وتشكل الكوميسا سوقًا رئيسيًا للتجارة الداخلية والخارجية.

وتصل مساحة الدول الأعضاء بالكوميسا إلى ما يقرب من ثلثي القارة الإفريقية بمساحة 12 مليون كيلومتر مربع.

مصر والكوميسا

وقعت مصر على الانضمام إلى اتفاقية السوق المشتركة للشرق والجنوب الإفريقي "الكوميسا" في 29 يونيو 1998، وتم البدء في تطبيق الإعفاءات الجمركية على الواردات من باقي الدول الأعضاء اعتبارا من 17 فبراير 1999 على أساس مبدأ المعاملة بالمثل للسلع التي يصاحبها شهادة المنشأ معتمدة من الجهات المعنية بكل دولة، بحسب موقع هيئة تنمية الصادرات.

وتتمتع كل السلع المصرية المصدرة إلى الدول الأعضاء بإعفاء تام من كافة الرسوم الجمركية والرسوم والضرائب الأخرى ذات الأثر المماثل وفقا لنسب التخفيضات التي تقرها كل دولة وعلى أساس مبدأ المعاملة بالمثل.

999999999999

حجم التجارة

وتعد مصر إحدى أهم القوى الاقتصادية في تجمع الكوميسا حيث ساهمت بالنصيب الأكبر في حجم تجارة التجمع البينية خلال عام 2020 بإجمالي 2.7 مليار دولار، وهو ما يعادل نحو 60 بالمئة من إجمالي قيمة التبادل التجاري المصري مع القارة الأفريقية خلال العام نفسه، والذي سجل 5 مليارات دولار.

ووفقا لأرقام وزارة التجارة والصناعة يعد تجمع الكوميسا سوقا واعدة للصادرات المصرية، حيث استحوذت مصر على نسبة 20 % من حجم الصادرات داخل التجمع بإجمالي ملياري دولار، في حين بلغت واردات مصر من تجمع الكوميسا 700 مليون دولار.

ويعكس استضافة مصر للقمة الـ21 للكوميسا إيمانها الراسخ والتزامها بتعزيز العمل الجماعي لزيادة معدلات النمو الاقتصادي وإزالة كل العقبات التي تعترض حرية التجارة بين الدول الأعضاء، ومجابهة التحديات التي فرضتها جائحة كورونا.

وتحرص مصر على تعزيز أواصر الصلة مع الدول الإفريقية ومختلف المنظمات والتكتلات الإفريقية وفي مقدمتها تجمع "الكوميسا" وتوحيد الجهود لمواجهة أي ممارسات احتكارية على مستوى الأعضاء بالتجمع، وهو الأمر الذي يسهم فى تدعيم قواعد اقتصاد السوق الحرة.

آفاق التعاون

ويعد زيادة التعاون والتبادل التجاري مع الدول الإفريقية إحدى أهم أولويات وتوجهات الدولة المصرية حالياً مع العمل لإيجاد بيئة تجارية عادلة وتحقيق استقرار الأسواق الإفريقية من خلال سن التشريعات التي تمنع حدوث الممارسات الاحتكارية وتعوق فعالية الأسواق.

وستسهم رئاسة مصر للتجمع في تحقيق التكامل الاقتصادي وخلق العديد من الفرص الاستثمارية الكبرى لزيادة حجم الناتج المحلي الإجمالي لدول الكوميسا، بالإضافة إلى المساهمة في فتح أسواق جديدة للمنتج المصري لغزو السوق الإفريقية وتذليل كل العقبات التي تعوق زيادة الصادرات بين تلك الدول.

وأكد خبراء الاقتصاد على ضرورة تحسين وسائل النقل بين مصر وإفريقيا في الاتجاهين من خلال مشروعات القاهرة - كيب تاون والربط بالسكك الحديد وربط البحر المتوسط ببحيرة فيكتوريا بما يسهم في تقليص مدة الشحن إلى 4 أيام بدلًا من 28 يوماً.

كما يسهم تحسين النقل البري والنهري  في زيادة حجم التجارة بين الدول الإفريقية وذلك بتيسير وسهولة نقل البضائع واختصار الوقت وتشجيع الاستثمارات المشتركة.

577777777







أضف تعليقك