مكاسب مصر من المشاركة في المعرض الدولي بجنوب أفريقيا
مكاسب متعددة وفوائد جمة تجنيها مصر من مشاركتها بالمعرض الدولي بجنوب أفريقيا تتجسد في تعزيز التعاون المشترك مع دول القارة السمراء وزيادة حركة الصادرات إلى الدول الحبيسة بالإضافة إلى تفعيل اتفاقيات التجارة بين القاهرة ونظرائها في أفريقيا.
يأتي ذلك انطلاقا من حرص الحكومة المصرية على مواصلة اهتمامها الكبير بتنمية الصادرات إلى السوق الأفريقية والتعامل بقوة مع كل التحديات التي تواجه المصدرين، وفي سبيل ذلك تنظم الدولة عدد كبير من الفعاليات بهدف زيادة التواجد بالمنتجات المصرية في الأسواق الدولية وخاصة أفريقيا، كما تسعى الحكومة إلى التفعيل الأمثل لاتفاقيات التجارة مع دول القارة السمراء.
المعرض الأفريقي
وفي هذا الإطار أكدت نيفين جامع وزيرة التجارة والصناعة حرص مصر على تفعيل دورها المحوري بالقارة الأفريقية من خلال تعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية مع دول القارة والعمل على تبادل الخبرات ونقل التكنولوجيا الحديثة فيما بين الدول الأفريقية، مشيرة إلى أن مصر تبذل جهودا حثيثة لتحقيق التكامل الاقتصادي مع كل الدول الأفريقية وإرساء قواعد التنمية الشاملة والمستدامة لجميع الشعوب الأفريقية على حدٍ سواء.
وجاءت تصريحات جامع خلال ترأسها لوفد مصر المشارك في فعاليات افتتاح الدورة الثانية للمعرض الأفريقي للتجارة البينية الذي ينظمه البنك الأفريقي للتصدير والاستيراد "أفريكسيم بنك" في مدينة ديربان بدولة جنوب إفريقيا بالتعاون مع سكرتارية الاتحاد الأفريقي ومنطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية خلال الفترة من 15 وحتى 21 نوفمبر 2021.
ويعد المعرض الأفريقي للتجارة البينية أحد أكبر المعارض المقامة بالقارة ويوفر منصة هائلة لعرض السلع والخدمات وتبادل المعلومات الخاصة بالتجارة والاستثمار بالأسواق الأفريقية، كما يمثل فرصة استراتيجية لتعزيز وتنمية التجارة البينية بين الدول الأفريقية وتوفير خدمات تمويل وتيسير التجارة بين الدول الأفريقية والتركيز على الاقتصاد الإبداعي في القاهرة.
والمعرض الأفريقي للتجارة البينية هو مبادرة مصرية حيث استضافت القاهرة النسخة الأولى منه ونظمته وزارة التجارة الصناعة ممثلة في هيئة تنمية الصادرات بالتعاون مع البنك الأفريقي للتصدير خلال شهر ديسمبر 2018 بهدف دعم جهود التكامل الاقتصادي الأفريقي.
ويمثل نجاح المعرض في دورته الأولى ركيزة لنجاح الدورة الثانية واستكمال جهود دول القارة السمراء لتحقيق التكامل الاقتصادي والاندماج الإقليمي.

مشاركة مصرية متميزة
وترجع الأهمية الكبيرة التي يكتسبها المعرض في دورته الثانية لمشاركة 24 دولة أفريقية تستعرض فرصها التجارية والاستثمارية بالإضافة إلى معالمها السياحية والثقافية إلى جانب مشاركة العديد من الجهات الدولية من خارج القارة السمراء في هذا الحدث المهم.
وتشهد الدورة الثانية للمعرض مشاركة كبيرة من القطاعات الإنتاجية والخدمية الرئيسية داخل القارة وهو ما يمثل فرصة مهمة لتوفير احتياجات القارة وتحقيق التكامل الصناعي والاستهلاكي بين دولها.
وتتضمن أهم القطاعات المشاركة الزراعة والصناعات الزراعية والسيارات والملابس والمنسوجات والإنشاءات والبنية التحتية والسلع الاستهلاكية والصناعات الإبداعية والتعليم والطاقة والصناعات الهندسية والتمويل والمنتجات الدوائية واللوجستيات والتصنيع.
والجناح المصري بالمعرض مقام على مساحة 882 مترا مربعا، ويأتي في ضوء مبادرة مصرية تستهدف دعم حركة التجارة والاستثمار البينية بين الدول الأفريقية مواكبة للإعلان عن منطقة التجارة الحرة الأفريقية الكبرى.
وأكد عدد من الخبراء على أن مشاركة 41 شركة مصرية في الدورة الثانية للمعرض الأفريقي للتجارة البينية سيسهم في مضاعفة الصادرات المصرية لدول القارة السمراء.
ويسهم المعرض في تعزيز التجارة في إطار منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية لكونه يساعد في تجميع المشترين من أكثر من 55 دولة من مختلف الأسواق العالمية والعارضين على مستوى القارة والعالم.
كما يساعد المعرض أيضا في تبادل معلومات التجارة والاستثمار والسوق بالإضافة إلى تمويل التجارة لدعم التكامل الاقتصادي بين بلدان اللقارة بالإضافة إلى إنشاء منصات للتبادل التجاري بين الشركات ومن الشركات إلى الحكومة للصفقات التجارية والخدمات الاستشارية.

تعاون مصري - جنوب أفريقي
بناء علاقة استراتيجية بين القاهرة وكيب تاون تسهم في رسم الخريطة الاقتصادية للقارة الأفريقية، كانت محور جلسة المباحثات الموسعة التي عقدتها نيفين جامع وزيرة التجارة والصناعة مع إبراهيم باتيل وزير التجارة والصناعة والمنافسة الجنوب أفريقي لبحث سبل تعزيز التعاون التجاري والصناعي بين البلدين.
وأشارت جامع إلى أهمية تعزيز أطر التعاون بشأن الملفات ذات الاهتمام المشترك، والتي تشمل السياسة الصناعية وتحرير التجارة وجذب الاستثمارات وتعميق الصناعة الأفريقية وتحقيق التكامل بين سلاسل الإنتاج بصورة تحقق مصالح كل دول القارة السمراء.
ولتعزيز علاقات التعاون، أكدت وزيرة الصناعة على أهمية الانتهاء من محور القاهرة - كيب تاون والذى يسهم في جعل مصر وجنوب أفريقيا من أهم 10 شركاء تجاريين بالقارة في غضون 5 سنوات.
ويبلغ حجم التبادل التجاري بين مصر وجنوب أفريقيا خلال عام 2020 نحو 139.5 مليون دولار منها 68.3 مليون دولار صادرات مصرية.
كما يعمل في مصر نحو 73 شركة جنوب أفريقية برأسمال مصدر بلغ حتى مطلع يونيو 2020 نحو 470.20 مليون دولار، وبلغت مساهمة الجانب الجنوب أفريقي فيها نحو 18.21 مليون دولار، وتشغل جنوب أفريقيا المرتبة الـ64 بقائمة الدول المستثمرة في السوق المصرية.
وتتطلع مصر لتطوير علاقاتها التجارية مع دولة جنوب أفريقيا بما يعكس إمكانات وقدرات أكبر اقتصادين في القارة وأكثرهما تنوعًا، وهو الأمر الذي يؤكد أهمية تفعيل العمل المشترك بين الجانبين لتنفيذ المبادرات وآليات التعاون المتفَق عليها بين البلدين.
هذا وبلغ حجم الصادرات المصرية إلى دول أفريقيا خلال عام 2019 نحو 4.8 مليار دولار بما يعادل 16٪ من إجمالي صادرات مصر للخارج الأمر الذي يعكس أهمية السوق الإفريقية لمصر ويسلط الضوء على الفرص التي يمكن أن توفرها السوق القارية الموحدة الذي أنشأتها اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية.

تعاون مشترك
وتناولت المباحثات أهمية التنسيق بين الجانبين لعقد اجتماعات اللجنة التجارية المصرية - الجنوب أفريقية، والتي استضافت القاهرة اجتماعها الأخير في عام 2016، وتشكيل مجلس الأعمال المشترك.
كما ركز الجانبان على أهمية دور القطاع الخاص للمساهمة في إحداث نقلة نوعية بالعلاقات الاقتصادية التي تربط بين مصر وجنوب أفريقيا، فضلا عن أهمية تنمية التعاون المشترك بين الجانبين في مجال المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
ويمثل تحقيق التكامل بين الجانبين خطوة مهمة نحو تعزيز التعاون القاري، خاصة في ظل عضوية مصر وجنوب أفريقيا باتفاقية التجارة الحرة القارية، فضلا عن كونهما يعدان من أهم وأكبر اقتصادات دول القارة السمراء.
وللدور الكبير لقطاع الصناعة ، تسعى مصر وجنوب أفريقيا للاستفادة من الإمكانات التصنيعية في كلا البلدين، والعمل لتعزيز حركة التجارة البينية وتنمية الاستثمارات المشتركة بين القطاع الخاص المصري والجنوب أفريقي في العديد من القطاعات منها المنسوجات والأدوية والسيارات.
وتأكيدا على حرص مصر لتوثيق عُرى التواصل مع جنوب أفريقيا، وجهت وزيرة التجارة والصناعة نيفين جامع الدعوة لنظيرها الجنوب أفريقي لزيارة القاهرة للتعرف على التطور الكبير الذى يشهده الاقتصاد المصري حاليا بمختلف المجالات وعلى كافة الأصعدة.
مشروعات مصرية بأفريقيا
حرص مصر على توسيع علاقاتها التجارية والاستثمارية مع القارة السمراء كان منهاجا وخطة دولة ، حيث تواصل البنوك المصرية التوسع بأنشطتها بدول القارة وذلك بهدف تفعيل أسلوب الشراكات الاستثمارية في أفريقيا بدلاً من الاعتماد على إنشاءات البنية التحتية كوسيلة لتعزيز وجودها في أفريقيا.
وخلال السنوات الماضية، سعت مصر لاستحداث كل الصيغ الممكنة للتعاون مع دول القارة، خصوصاً في قطاعات الاتصالات والبنوك والخدمات المالية وتطبيقات المحمول ، وتأكيدا على ذلك وقعت 15 شركة مصرية اتفاقيات للتعاون مع 17 شركة من 6 دول أفريقية في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
ولتوسيع أنشطتها تتواصل عملية تأسيس الشركات مع الأشقاء الأفارقة ، حيث تمتلك النسبة الكبرى من أسهمها شركات مصرية مع توسيع وجود البنوك المصرية كممول للمشروعات المشتركة بإنشاء فروع جديدة أو عبر الاستحواذ على بنوك قائمة.
ووفقا لاتحاد الغرف التجارية ، فإن الشركات المصرية تستثمر حاليا مليارات الدولارات في الدول الأفريقية، في تحرك هدفه زيادة حجم التجارة البينية التي لاتزيد حالياً على 15 في المئة.
وعلى صعيد التطوير والبنية التحتية، تنشط العديد من شركات المقاولات المصرية في دول القارة في مشروعات ضخمة، وتمثل شركة "المقاولون العرب" الذراع النشطة لمصر في ذلك الملف الحيوي بحجم تعاقدات متاحة داخل السوق الأفريقية بقيمة تتجاوز 1.5 مليار دولار في نحو 10 دول أفريقية.
وتوجد الشركة في 21 دولة أفريقية منها السودان وتشاد وإثيوبيا وموريتانيا والكاميرون وكوت ديفوار وأوغندا ونيجيريا وتنزانيا وغينيا والكونغو وتوجو وزامبيا وبتسوانا ودولة مالي.
ومن المشروعات التي نفذتها مصر سد تنزانيا لتوليد الطاقة الكهرومائية بارتفاع نحو 130 متراً بمخزونات مياه متوقعة 33 مليار متر مكعب، ومحطة لتوليد الطاقة الكهرومائية بقدرة 2115 ميجاوات، ومحطة ربط كهرباء فرعية 400 كيلوفولت، بالإضافة إلى خطوط نقل الكهرباء 400 كيلوفولت لأقرب نقطة في الشبكة العمومية.
وفي غينيا تنفذ الشركات المصرية المحطة الأولى لمعالجة المياه بطاقة 60 ألف متر مكعب يومياً لخدمة خمسة آلاف منزل في المستقبل بعد عملية المعالجة الأولية والثانوية والثلاثية بجانب تنفيذ عدة مشروعات خاصة بالطرق الإنشاءات المختلفة.

فتح أسواق جديدة
إن التوجه نحو الأسواق الأفريقية، سواء عبر تعزيز التجارة أو الدخول في مشروعات استثمارية مشتركة أصبح نهجا راسخا لمصر، استنادا إلى إرادة سياسية لاستعادة الريادة في القارة السمراء، وفي ظل بحث المصدرين والصناع المصريين عن أسواق جديدة لمنتجاتهم.
وتعكس الزيارات والبعثات التجارية التي يجريها المسئولون المصريون لدول القارة على جدية الحكومة في إشراك القطاع الخاص في خطط الوصول لأسواق أفريقية جديدة.
وتأتي المساندة الحكومية للقطاع الخاص من أجل ترسيخ أقدامه في أفريقيا من أجل إعطاء دفعة إيجابية للمصدرين والمنتجين المصريين ، وذلك انطلاقا من المزايا التنافسية التي تمتلكها مصر في تلك الأسواق، بحكم الجغرافيا وسهولة الشحن والنقل وأيضا بحكم الروابط التاريخية والعلاقات الاستراتيجية مع دول القارة بما يسهم في نفاذ المنتجات المصرية إلى الأسواق الأفريقية.
