قمة فيشجراد.. فرصة لجذب الاستثمارات ونقل الخبرات

قمة فيشجراد
قمة فيشجراد



انطلاقا من تحركات الرئيس عبد الفتاح السيسي وزياراته الخارجية شرقا وغربا لتعزيز علاقات مصر مع جميع دول العالم ولجذب الاستثمارات الأجنبية لدعم الاقتصاد المصري، تأتي مشاركته للمرة الثانية في قمة مجموعة دول "فيشجراد" بالعاصمة المجرية بودابست، حيث تضم المجموعة المجر وسلوفاكيا والتشيك وبولندا.

أهمية القمة

وتأتي زيارة  الرئيس السيسي إلى المجر ومشاركته في أعمال القمة في سياق الطفرة الكبيرة التي شهدتها العلاقات المصرية مع دول الاتحاد الأوروبي عامة، ومجموعة فيشجراد خاصة، التي تعد المجر إحدى دولها.

ومشاركة مصر في التجمع دليل على قوة ومتانة العلاقات التى تربطها مع الدول الأربع، خاصة وأن مصر أجرت عددا من الزيارات واستقبلت مسئولين من تلك الدول خلال السنوات الماضية.

كما تأتي زيارة الرئيس السيسي في إطار تنويع دوائر السياسة الخارجية المصرية وتنويع علاقاتها الاقتصادية عبر فتح أبواب جديدة للمنتجات المصرية في الأسواق الأوروبية، إذ تمثل المجموعة سوقًا كبيرًا يبلغ عدد سكانه 64 مليون نسمة وناتجه المحلي الإجمالي نحو 1.8 تريليون دولار.

وبالتالي فإن القمة المشتركة تأتي كذلك في إطار دبلوماسية التنمية التي تتبناها الدولة المصرية، وتقوم على خلق دوائر مؤثرة تتمكن من خلالها من تحقيق المصالح المشتركة مع الدول.

 وتستهدف مصر من المشاركة في هذه القمة نقل الخبرات والتكنولوجيا من وتوطين الصناعة والتعاون في مجال التعليم والتدريب والجامعات في مصر، أخذاً في الاعتبار البنية التحتية الحديثة التي باتت تتمتع بها مصر حالياً، والتي تعتبر أساس نجاح لأي تعاون مشترك.

00000000000000000

مواجهة الهجرة غير الشرعية

وخلال مؤتمر صحفي لزعماء دول القمة ، أكد الرئيس السيسي أن مصر تنمو وتتقدم بمعدلات غير مسبوقة في تاريخها الحديث، أخذاً في الاعتبار حجم التحديات المتراكمة وقلة الموارد.

وقال الرئيس السيسي إن مصر وتجمع فيشجراد يرتبطان بعلاقات صداقة تاريخية، معربا عن اعتزازه بالتعاون الرفيع بين الجانبين في كثير من المجالات وصولا إلى تحقيق شراكة استراتيجية مستقبلا بين الجانبين.

وأشار الرئيس السيسي إلى أن وضع دول تجمع الفيشجراد داخل الاتحاد الأوروبي وعلى المستوى الدولي يؤهله للقيام بدور كبير في العديد من المحافل لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة وتعزيز النمو والازدهار في منطقة المتوسط.

وحول قضية الهجرة غير الشرعية أكد الرئيس السيسي أن موجات هذه الظاهرة  

تنشأ على خلفيات متعددة من بينها التردي الاقتصادي وتأجيج الصراعات الداخلية في بعض الدول مثل ليبيا وسوريا والعراق واليمن من خلال تدخل بعض الدول الإقليمية في الشئون الداخلية لهذه الدول وتأليب الهويات المختلفة ضد بعضها سواء كان هذا الاختلاف في الدين أو المذهب أو العرق؛ الأمر الذي يتسبب في موجات ضخمة من اللجوء والنزوح.

وشدد الرئيس السيسي على أن مواجهة الهجرة غير المشروعة بفاعلية تتطلب في المقام الأول معالجة جذورها ومسبباتها قبل أعراضها، وفي مقدمتها تسوية الصراعات الإقليمية، والتصدي بحزم ووضوح لمحاولات بعض الدول استغلال هذه الصراعات لاستعادة الدولة الوطنية ومؤسساتها مقاليد الأمور في هذه الدول، مما يتطلب موقفاً قوياً من مختلف الدول والكيانات، ومن بينها الاتحاد الأوروبي.

أوضح الرئيس عبد الفتاح السيسى أن الدولة المصرية لا تسمح بالهجرة غير الشرعية للحفاظ على حياة اللاجئين، متابعا: “لا نقبل من منظور أخلاقى أو انسانى أن نتركهم في الطريق لأوروبا ويلقوا مصيرهم في البحر.. لن نسمح لهؤلاء الناس بالمجهول أو الضياع”.

بدورهم، أكد زعماء دول مجموعة فيشجراد على تثمينهم البالغ لجهود الرئيس السيسي في قيادة مصر في إطار من السياسات المتوازنة والثابتة والشديدة الاعتدال، والتي انعكست في نجاحات كبيرة تمثلت في دحر الإرهاب ووقف موجات الهجرة غير الشرعية، حيث لم تخرج أية رحلات هجرة غير شرعية من الشواطئ المصرية منذ عام 2016 .

555555555555555

تعاون متزايد

الرئيس السيسي تطرق في كلمته إلى ضرورة التعاون لمواجهة التحديات وذلك بعد ما واجهه العالم من تداعيات بسبب وباء كورونا الأمر الذي استوجب ضرورة  تضافر جهود جميع الدول وتعزيز التعاون فيما بينها .

وأضاف أن مصر حرصت لتوطين صناعة اللقاحات ليست فقط لتلبية احتياجات مواطنيها، ولكن أيضا للتصدير الى القارة الافريقية، في محاولة لرأب الفجوة بين الدول النامية والدول المتقدمة فى تلقى اللقاح ، معربا عن تطلعه للتعاون مع دول التجمع لتحقيق هذا الهدف.

من جانبهم أكد زعماء دول المجموعة على أنهم سوف يبذلون جهودهم داخل الاتحاد الأوروبي لتوضيح ما تقوم به مصر بقيادة الرئيس السيسي في هذا السياق لمزيد من الإيضاح لصورة الأوضاع في مصر ودعمها في مسلكها في التعامل مع كافة القضايا ذات الصلة، وكذلك الجهود التنموية الكبيرة التي تبذل حالياً لرفع مستوى معيشة المواطنين والارتقاء بالخدمات وجميع مناحي الحياة.

فرص واعدة

وتركز قمة فيشجراد على أمن الطاقة وبحث فرص تطوير العلاقات التجارية والاستثمارية والسياحية بين الجانبين، فضلاً عن سبل تطوير التعاون بين مصر والاتحاد الأوروبي، الذي تتمتع دول التجمع بعضويته.

وفي هذا الصدد أكد أشرف غراب الخبير الاقتصادي أن مشاركة الرئيس السيسي في القمة تؤكد قوة دور مصر المحوري وتأثيرها الإقليمي والعالمي بعد نجاحها في الكثير من الملفات الاقتصادية والسياسية والأمنية مثل مكافحة الهجرة غير الشرعية والإرهاب.

وأشار غراب إلى أنه يمكن زيادة التعاون الاقتصادي مع دول تجمع فيشجراد الأربع بالتوسع في فتح أسواق جديدة لتصدير المنتجات خاصة أن مصر تصدر للمجر الأسمدة والمنتجات الكيماوية والحاصلات الزراعية وغيرها من المنتجات

وأكد أن مصر تعد الدولة الوحيدة بالدول العربية والشرق الأوسط التي دعيت لهذه القمة للمرة الثانية حيث كانت الأولى عام 2017 وهو ما يبرهن على ثقل مصر ومكانتها في المنطقة.

وثمن آخرون هذه المشاركة لكون الدول الأربع التي تشكل قمة "فشجراد" تمتلك حجم اقتصاد قوي ومتنوع المصادر.

وأضافوا أن اقتصاد المجر يبلغ 155 مليار دولا والتشيك 245 مليارا وبولندا 600 مليار فيما يبلغ حجم اقتصاد سلوفاكيا 105 مليارات، ما يعني التعاون مع تكتل حجم اقتصاده تريليون و100 مليار دولار وسكانه نحو64 مليون نسمة فقط.

الرئيس السيسي مع الرئيس المجري

مكاسب مصر

وتوقع خبراء أن تحقق مصر مكاسب اقتصادية جراء مشاركتها بهذه القمة أولها زيادة في حجم التبادل التجاري بين مصر وهذه الدول الأربع ، إضافة إلى تمتع مصر بمشروعات قومية كبرى كالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس وغيرها وما توفره من فرص استثمارية ضخمة للمستثمرين الأجانب، إضافة إلى مناخ مصر الجاذب للمستثمرين الأجانب .

وأشاروا إلى أن دول هذا التجمع له تأثيره القوي بالاتحاد الأوروبي وأعضاء في حلف شمال الأطلنطي وتمثل مركز ثقل في وسط وشمال أوروبا، وتتمتع بدخول اقتصادية كبيرة ويمكن استغلال ذلك في جذب المستثمرين والشركات الكبيرة بهذه الدول الأربع للإستثمار في مصر.

كما أن مصر تعد مقصدا سياحيا قويا وترفيهيا هاما لما تتمتع من من أثار وشواطئ بحرية يقصدها سائحو هذه البلاد فيمكن الترويج أكثر للمقاصد السياحية المصرية والسياحة العلاجية بدول تجمع الفيشجراد لزيادة عدد السائحين من هذه الدول وعلى مستوى أوروبا .

ولذلك تسعى السياسية المصرية إلى زيادة أعداد السائحين من مواطني تلك الدول لدعم القطاع السياحي ، وكان الجانب المصري يركز خلال لقاءاته مع دول “فيشجراد” منصب على السياحة باعتبارها تمثل 10% من الدخل القومي وتسهم في توفير  الملايين من فرص العمل.

علاقات تجارية

وهناك تعاون قوي بين مصر وبولندا حيث وقعت مصر في الآونة الأخيرة اتفاقية مع بولندا لإنشاء منطقة صناعية بولندية في العين السخنة بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس تستهدف صناعات غذائية وصناعات إلكترونية وقطع غيار السيارات وهو الأمر الذي سيسهم في نقل وتوطين التكنولوجيا وجذب المزيد من الاستثمارات وخلق الآلاف من فرص العمل، إضافة إلى وجود 100 شركة بولندية تعمل بالسوق المصرية.

كما أن حجم التبادل التجاري بين مصر وبولندا قد ارتفع إلى نحو مليار دولار ، بينما يصل حجم التبادل التجاري بين مصر والتشيك لأكثر من 530 مليون دولار ويتجاوز عدد شركاتها العاملة بالسوق المصرية 48 شركة .

ويؤكد خبراء اقتصاديون أن مصر تستهدف من مشاركتها في هذا التجمع إلى جذب العديد من الإستثمارات خلال المشاريع التي أقيمت حول محور قناة السويس، وفتح  أسواق جديدة للمنتجات المصرية بآليات تسمح بالتصدير للخارج.

قناة السويس

نقل الخبرات

وتستهدف مصر من تعزيز علاقتها مع المجر تحقيق أكبر استفادة من الخبرات والكوادر المجرية في تنمية الصناعات المحلية والمشروعات القومية المصرية كتصنيع أجزاء من مشروع صناعة عربات السكك الحديدية فى المصانع المصرية وبناء محطة الضبعة والطاقة النووية والشمسية إلى جانب التحكم في المياه ومعالجتها والزراعة والبنية التحتية والصناعات العسكرية.

وتعمل مصر على تعزيز التعاون مع الجانب المجرى كذلك في مجالات إدارة المياه والنقل النهرى والزراعة وتطوير المجارى المائية والمصارف.

 وأيضا نقل تجربة المجر فى تنمية وإدارة حوض نهر الدانوب للاستخدامات الملاحية ولأغراض أخرى و تطبيقها على نهر النيل ، خاصة وأن مصر تعد نافذة المجر على السوق الإفريقي .

منافذ للتصدير

ويمثل تجمع " فيشجراد" خامس أكبر اقتصاد في أوروبا والـ12 على مستوى العالم ومصر تعتبر أول دولة من الشرق الأوسط التي يتم دعوتها للمشاركة في قمة "فيشجراد" وثالث دولة على مستوى العالم تشارك في التجمع بعد اليابان وألمانيا.

كما يمكن لدول التجمع الاستفادة من مصر وموقعها الاستراتيجي كنقطة انطلاق لدول التجمع للنفاذ إلى الأسواق العربية والأفريقية لتحقيق المصالح المتبادلة بين الجانبين.

ويفتح هذا التعاون أسواقًا جديدة أمام الاقتصاد المصري الذي يشهد نموًا غير مسبوق فقد شهدت السنوات الماضية ارتفاع ملحوظ للصادرات المصرية إلى تلك الدول إضافة إلى أن المشاريع الضخمة التي تشهدتها مصر تمثل بيئة جاذبة تتيح فرص استثمارية كبيرة.

هذا وتولي دول "فيشجراد" اهتماما كبيرا بالشراكة الاستراتيجية القائمة بين مصر والاتحاد الأوروبي ، بالإضافة إلى التعاون في مجال الطاقة في ضوء الخبرات التي تتمتع بها دول "فيشجراد" والإمكانيات الواعدة التي تحظى بها مصر في مجالات الطاقة.

وتعتبر الدول الأربع في قمة فيشجراد هي بلدان مؤيدة للطاقة النووية، وتسعى إلى توسيع أو العثور على صناعة للطاقة النووية السلمية.

وفي ظل أزمة نقص الطاقة ومعاناة الدول الأوروبية من نقص الغاز مع قدوم فصل الشتاء تبرز أهمية مصر كمزود للطاقة محتمل لدول مجموعة فيشجراد بعدما أصبحت مركزًا إقليميًا لتداول الطاقة، خاصة في ظل تطلع دول التجمع لتقليل الاعتماد على الغاز الروسي.

مجموعة فيشجراد

وتأسست مجموعة فيشجراد في 15 فبراير 1991 بين أربع دول من أوروبا الوسطى، وهي بولندا والمجر والتشيك وسلوفاكيا، حيث تتغير البلاد التي تتولى رئاسة المجموعة في يوليو من كل عام.

وأطلق اسم التجمع على اسم مدينة فيشجراد الواقعة في شمال العاصمة المجرية بودابست، على الضفة اليمنى من نهر الدانوب تلك التي اجتمع فيها زعماء التحالف للمرة الأولى.

وتعتبر مجموعة فيشجراد تحالف ثقافي اجتماعي سياسي يجمع الدول الأربعة الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو وتعد مصر من أول الدول المشاركة في قمة المجموعة من خارجها بعد ألمانيا واليابان.

وتهدف المجموعة إلى توحيد الرؤى في المحافل الدولية وتعزيز التعاون فيما بينها بكافة المجالات.

 

222222222

 

 







أضف تعليقك